وقد تقرّر أنّ تخصيص الأكثر لا استهجان فيه إذا كان بعنوان واحد جامع لأفراد هي أكثر من الباقي ، كما إذا قيل : أكرم النّاس ، ودلّ دليل على اعتبار العدالة ، خصوصا إذا كان المخصّص ممّا يعلم به المخاطب حال الخطاب.
ومن هنا ظهر وجه صحّة التمسّك بكثير من العمومات مع خروج أكثر أفرادها ، كما في قوله عليهالسلام : (المؤمنون عند شروطهم) (١) وقوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(٢) ، بناء على إرادة العهود ، كما في الصحيح.
____________________________________
وحاصل كلامه قدسسره في الجواب ، هو منع لزوم تخصيص الأكثر أوّلا ، ومنع الاستهجان على فرض لزومه ثانيا ، وذلك لأنّ تخصيص الأكثر على قسمين :
أحدهما : أن يكون بالعناوين المتعدّدة ، كتخصيص : أكرم العلماء ، ب : لا تكرم المنجّمين ، ولا تكرم النحويّين ولا تكرم الفلاسفة ، ولا تكرم الاصوليّين ، هكذا حتى يبقى تحت العامّ ، الفقهاء فقط ، أو العدول منهم فقط.
وثانيهما : أن يكون بعنوان واحد ، كتخصيص : لا تكرم العلماء إلّا الفقهاء ، أو كالمثال المذكور في المتن ، فإنّ الخارج من العموم وإن كان أكثر من الباقي تحته ، إلّا أنّه بعنوان واحد ، وهو عدم العدالة مثلا.
وتخصيص الأكثر الذي لا يجوز عند العقلاء ، هو القسم الأوّل لا الثاني ، وما نحن فيه من قبيل القسم الثاني ، وعليه فلا مانع من التمسّك بعموم القاعدة عند الشكّ في التخصيص (خصوصا إذا كان المخصّص ممّا يعلم به المخاطب حال الخطاب) وكان المتكلّم ممّن يعتمد في مقام تفهيم المخاطب بعلم المخاطب بالمخصّص حال الخطاب ، وإلّا فمجرّد علم المخاطب بالمخصّص حال الخطاب لا يوجب تفاوت الحال في الاستهجان وعدمه ، كما في الفوائد بتوضيح منّا.
(ومن هنا) ، أي : من أنّ كثرة الخارج إذا كان بعنوان واحد لا يوجب وهن العموم ، فلا يجب حمله على معنى آخر(ظهر وجه صحّة التمسّك بكثير من العمومات مع خروج أكثر أفرادها ، كما في قوله عليهالسلام : (المؤمنون عند شروطهم) وقوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) بناء على
__________________
(١) التهذيب ٧ : ٣٧١ / ١٥٠٣. الاستبصار ٣ : ٢٣٢ / ٨٣٥. الوسائل ٢١ : ٢٧٦ ، أبواب المهور ، ب ٢٠ ، ح ٤.
(٢) المائدة : ١.