____________________________________
في تركه ضرر عليه.
الثاني : الصورة مع كون الداعي إلى التصرّف مجرّد العبث والميل النفساني ، لا الإضرار بالجار.
الثالث : أن يكون التصرّف بداعي المنفعة ، بأن يكون في تركه فوات منفعة.
الرابع : أن يكون الداعي ، التحرّز عن الضرر ، بأن يكون في تركه ضرر عليه.
والمنسوب إلى المشهور جواز التصرّف وعدم الضمان في الصورتين الأخيرتين ، بعد التسالم على الحرمة والضمان في الصورتين الاوليين.
أمّا وجه الحرمة والضمان في الصورتين الاوليين فظاهر ، فإنّه لا إشكال في حرمة الإضرار بالغير ، ولا سيّما الجار ، والمفروض أنّه لا يكون فيهما شيء ترتفع به حرمة الإضرار بالغير.
وأمّا الوجه لجواز التصرّف وعدم الضمان في الصورتين الأخيرتين ، فقد استدلّ له بوجهين :
الوجه الأوّل : إنّ منع المالك عن التصرّف في ملكه حرج عليه ، ودليل نفي الحرج حاكم على أدلّة نفي الضرر ، كما أنّه حاكم على الأدلّة المثبتة للأحكام ، وهذا الدليل ممنوع صغرى وكبرى.
أمّا الصغرى ، فلعدم كون منع المالك عن التصرّف في ملكه حرجا عليه مطلقا ، فإنّ الحرج المنفي في الشريعة المقدّسة إنّما هو بمعنى المشقّة التي لا تتحمّل عادة ، ومن الظاهر أنّ منع المالك عن التصرّف في ملكه لا يكون موجبا للمشقّة التي لا تتحمّل عادة مطلقا ، بل قد يكون وقد لا يكون ، وليس الحرج المنفي في الشريعة المقدّسة بمعنى مطلق الكلفة ، وإلّا كانت جميع التكاليف حرجيّة ، فإنّها كلفة ومنافيّة لحريّة الإنسان وللعمل بما تشتهي الأنفس.
وأمّا الكبرى ، فلأنّه لا وجه لحكومة أدلّة نفي الحرج على أدلّة نفي الضرر ، فإنّ كلّ واحد منهما ناظر إلى الأدلّة الدالّة على الأحكام الأوّليّة وتقييدها بغير موارد الحرج والضرر في مرتّبة واحدة ، فلا وجه لحكومة أحدهما على الآخر.