____________________________________
الخامس : وحدة متعلّق اليقين والشكّ ، بأن يكون الشكّ متعلّقا بما تعلّق به اليقين مع قطع النظر عن اعتبار الزمان ، وبهذا يحصل الفرق بين الاستصحاب ، وبين قاعدة المقتضي والمانع ، حيث إنّ متعلّق اليقين فيها هو المقتضي ، ومتعلّق الشكّ هو المانع ، فيكون المشكوك فيها غير المتيقّن.
السادس : سبق زمان المتيقّن على زمان المشكوك ، بأن يكون الشكّ متعلّقا في بقاء ما هو متيقّن الوجود سابقا ، فلو انعكس الأمر ، بأن كان زمان المتيقّن متأخّرا عن زمان المشكوك ، كأن يشكّ في مبدأ حدوث ما هو متيقّن الوجود في الزمان الحاضر ، لكان هذا الاستصحاب قهقرائيّا ، والاستصحاب القهقرائي لا دليل على اعتباره ، ولتوضيح بطلانه نذكر لك مثالا ، فنقول :
لو علم بأنّ صيغة افعل حقيقة في الوجوب فعلا ، وشكّ في مبدأ حدوث وضعها لهذا المعنى ، هل هي من الأوّل وضعت لهذا المعنى ، أم كان لمعنى آخر ثمّ نقلت منه إلى الوجوب؟.
فيقال : إنّ الأصل عدم النقل ، لإثبات أنّها موضوعة لهذا المعنى من الأوّل ، وبهذا العمل نكون قد أرجعنا معنى هذا الاستصحاب إلى جرّ اليقين اللاحق إلى الزمن المتقدّم ، ومثل هذا الاستصحاب يحتاج إلى دليل خاصّ ، ولا دليل خاصّ عليه ، وأخبار الاستصحاب لا تشمله ، وذلك لأنّ أخبار الاستصحاب تدلّ على اعتباره من باب عدم جواز نقض اليقين السابق بالشكّ اللاحق ، أمّا الاستصحاب القهقرائي فيرجع إلى نقض الشكّ السابق باليقين اللاحق.
السابع : فعليّة الشكّ واليقين ، فلا يكفي الشكّ التقديري ولا اليقين التقديري ، لأنّ ظاهر أخبار الاستصحاب في كونهما فعليّين. هذا تمام الكلام في الأمر الثاني وهي مقوّمات الاستصحاب الاصطلاحي.
وأمّا ما ترجع إليه تعاريف العلماء للاستصحاب فهي ثلاثة :
الأوّل : هو تعريف الاستصحاب بالمحلّ ، كما يظهر من المحقّق القمّي قدسسره حيث قال في تعريف الاستصحاب ما حاصله :