قلت : هذا مسلّم ، لكنّه مانع عن الفرق بين الحكم الشرعي والعقلي من حيث الظنّ بالبقاء في الآن اللاحق ، لا من حيث جريان أخبار الاستصحاب وعدمه ، فإنّه تابع لتحقّق
____________________________________
وكيف كان ، فإذا بنى على عدم تحقّق موضوع الاستصحاب في الأحكام العقليّة والأحكام الشرعيّة المستندة إليها ، فلا بدّ من أن يبني عليه في الأحكام الشرعيّة المستقلّة بمقتضى وحدة المناط فيهما.
(قلت : هذا مسلّم ، لكنّه مانع عن الفرق بين الحكم الشرعي والعقلي من حيث الظنّ بالبقاء في الآن اللاحق).
أي : ما ذكره من وحدة المناط بين حكم العقل والشرع مسلّم ، إلّا أنّ عدم الفرق بينهما الناشئ عن وحدة المناط صحيح على فرض اعتبار الاستصحاب من باب الظنّ بالبقاء ، إذ لا فرق بين حكم العقل والشرع في حصول الظنّ ببقائهما ، الناشئ عن الظنّ ببقاء المناط ، فإن ظنّ ببقاء المناط ظنّ ببقائهما ، وإن شكّ ببقائه شكّ ببقائهما ، فيجري الاستصحاب فيهما معا على تقدير الظنّ ببقاء المناط ، ولا يجري فيهما في صورة الشكّ في المناط ، لأنّ المناط هو علّة الحكم ولا يحصل الظنّ بالحكم مع الشكّ فيه ، إذ لا يحصل الظنّ بالمعلول مع الشكّ في بقاء العلّة.
وكيف كان ، فالاستصحاب ؛ إمّا يجري في كلا القسمين ، أو لا يجري فيهما معا ، لعدم معقوليّة الفرق بينهما في كلتا الصورتين ، فوحدة المناط وإن كانت توجب وحدة الحكم من حيث جريان الاستصحاب وعدمه ، على فرض اعتبار الاستصحاب من باب الظنّ ، إلّا أنّها لا توجب الملازمة بين شمول الأخبار للحكم الشرعي والعقلي على فرض اعتبار الاستصحاب من باب الأخبار.
فلا بدّ ـ حينئذ ـ من الفرق بين الحكم الشرعي والعقلي ، كما أشار إليه المصنّف قدسسره بقوله : وأمّا بناء على حجيّة الاستصحاب من باب الأخبار فلا بدّ من الفرق المذكور في جواب التوهّم ، وذلك لأنّ وحدة المناط وإن كانت مسلّمة ، إلّا أنّ المناط والملاك في الموضوع المعتبر إحرازه في استصحاب الحكم الشرعي ليس هو إحراز المناط الواقعي للحكم ، بل هو إحراز ما هو الموضوع في لسان الدليل بحسب فهم العرف ، والمفروض هو أنّ الموضوع بحسب فهم العرف محرز وباق ، فلا إشكال في جريان الاستصحاب في