وهو غير بعيد بالنظر إلى كلام السيّد والشيخ وابن زهرة وغيرهم ، حيث إنّ المفروض في كلامهم هو كون دليل الحكم في الزمان الأوّل قضيّة مهملة ساكتة عن حكم الزمان الثاني ، ولو مع فرض عدم الرافع.
إلّا أنّ الذي يقتضيه التدبّر في بعض كلماتهم ـ مثل إنكار السيّد لاستصحاب البلد المبني على ساحل البحر ، مع كون الشكّ فيه نظير الشكّ في وجود الرافع للحكم الشرعي ، وغير ذلك ممّا يظهر للمتأمّل ويقتضيه الجمع بين كلماتهم وبين ما يظهر من بعض استدلال المثبتين
____________________________________
في الرافع ، وإنّما النزاع في الشكّ في المقتضي ، وهو ينكره فيه. هذا تمام الكلام في وجه التخيّل.
فيقول المصنّف قدسسره : إنّ ما تخيّل من خروج الشكّ في الرافع عن محلّ النزاع غير بعيد من ظاهر كلام غير واحد منهم ، كالسيد والشيخ وابن زهرة قدسسرهم ، وقد أشار إليه بقوله :
(وهو غير بعيد بالنظر إلى كلام السيّد والشيخ وابن زهرة وغيرهم ... إلى آخره).
حيث جعلوا محلّ البحث في الشكّ في المقتضي كثبوت خيار الغبن في الجملة ، فالشكّ في الرافع كأنّه خارج عن محيط النزاع ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي.
(إلّا أنّ الذي يقتضيه التدبّر في بعض كلماتهم مثل إنكار السيّد لاستصحاب البلد المبني على ساحل البحر ، مع كون الشكّ فيه نظير الشكّ في وجود الرافع للحكم).
لأنّ البلد يستمر في البقاء إلى أن يرفعه طغيان البحر مثلا ، كاستمرار الطهارة إلى أن يرفعها الحدث.
والذي يقتضيه الجمع بين الكلمات ، وما يظهر من بعض استدلال المثبتين ، وما يظهر من استدلال النافين ، هو عموم النزاع وعدم اختصاص محلّ النزاع بمورد الشكّ في المقتضي فقط.
فلا بدّ حينئذ من تقريب كلّ واحد من هذه الامور الدالة على تعميم محلّ النزاع ، فنقول :
إنّ الجمع بين الكلمات يتحقّق بالتزام عموم محلّ النزاع ، إذ لا يمكن لشخص واحد القول بإنكار الاستصحاب واعتباره معا ، مع أنّك ترى أنّ شخصا واحدا قد يدّعي اعتبار الاستصحاب وقد ينكره ، فلا بدّ من حمل دعوى الاعتبار على مورد الشكّ في الرافع ،