وقد اريد من اليقين والاحتياط في غير واحد من الأخبار هذا النحو من العمل ، منها قوله عليهالسلام في الموثّقة الآتية : (إذا شككت فابن على اليقين) (١).
فهذه الأخبار الآمرة بالبناء على اليقين وعدم نقضه ، يراد منها البناء على ما هو المتيقّن من العدد ، والتسليم عليه مع جبره بصلاة الاحتياط.
ولهذا ذكر في غير واحد من الأخبار ما يدلّ على أنّ العمل محرز للواقع مثل قوله عليهالسلام :
____________________________________
إلى ركعة مستقلّة منفصلة بعد التسليم في الركعة المردّدة ، كما هو مذهب الإماميّة.
وعليه فلا تنطبق الرواية على الاستصحاب إذن ، إذ المراد باليقين في قوله عليهالسلام : (لا ينقض اليقين بالشكّ) ليس هو اليقين السابق بعدم إتيان الأكثر ، بل المراد به هو اليقين بالبراءة الحاصل بالبناء على الأكثر ثمّ الإتيان بصلاة الاحتياط ، كما المستفاد من عدّة روايات مذكورة في المتن.
فالرواية ـ حينئذ ـ لا ترتبط بالاستصحاب أصلا ، وهذا الاحتمال فيها أقوى من الاحتمالات التي يمكن الاستدلال بها على حجيّة الاستصحاب.
وبالجملة ، إنّ مقتضى الاستصحاب هو الإتيان بالركعة الاخرى متّصلة ، وفي الرواية قرينتان على كون المراد من الركعة الاخرى هي الركعة المنفصلة :
إحداهما : ما تقدّم من تعيين فاتحة الكتاب.
والاخرى : هي قوله عليهالسلام : (ولا يدخل الشكّ في اليقين ولا يخلط أحدهما بالآخر) فإنّ ظاهره ـ بعد حمل الشكّ على المشكوك واليقين على المتيقّن ـ هو عدم خلط المشكوك بالمتيقّن بإتيانه متّصلا معه ، بل يؤتى بالمشكوك منفصلا عن المتيقّن.
فالمستفاد من هذه الرواية هي قاعدة البناء على اليقين بالبراءة ، وذلك بأن يبني المكلّف على الأكثر ثمّ يأتي بركعة اخرى منفصلة ، فإنّه ـ حينئذ ـ يتيقّن ببراءة ذمّته ، إذ على تقدير الإتيان بالثلاث تكون هذه الركعة متمّمة لها ، ولا تقدح زيادة التكبير والتشهّد والتسليم ، وعلى تقدير الإتيان بالأربع تكون هذه الركعة نافلة ، بخلاف ما إذا بنى على الأقلّ وأضاف ركعة متّصلة ، فإنّه يحتمل ـ حينئذ ـ الإتيان بخمس ركعات ، أو بنى على
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٣١ / ١٠٢٥. الوسائل ٨ : ٢١٢ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ٨ ، ح ٢.