ويؤيّده : أنّ النقض ـ حينئذ ـ محمول على حقيقته ، لأنّه رفع اليد عن نفس الآثار التي رتّبها سابقا على المتيقّن بخلاف الاستصحاب ، فإنّ المراد بنقض اليقين فيه : رفع اليد عن ترتّب الآثار في غير زمان اليقين. وهذا ليس نقضا لليقين السابق إلّا إذا اخذ متعلّقه مجرّدا عن التقييد بالزمان الأوّل.
وبالجملة ، فمن تأمّل في الرواية وأغمض عن ذكر بعض أدلّة الاستصحاب ، جزم بما ذكرناه في معنى الرواية.
اللهمّ إلّا أن يقال بعد ظهور كون الزمان الماضي في الرواية ظرفا لليقين : إنّ الظاهر تجريد متعلّق اليقين عن التقييد بالزمان ، فإنّ قول القائل : «كنت متيقّنا أمس بعدالة زيد» ظاهر في إرادة أصل العدالة ، لا العدالة المتقيّدة بالزمان الماضي ، وإن كان ظرفه في الواقع
____________________________________
(ويؤيّده : أنّ النقض ـ حينئذ ـ محمول على حقيقته).
أي : يؤيّد حمل الرواية على قاعدة اليقين أنّ النقض حين الحمل على قاعدة الشكّ الساري محمول على حقيقته ، لأنّ نقض اليقين فيها عبارة عن رفع اليد عن الآثار التي رتّبها على اليقين سابقا ، والحكم بتدارك ما فعل حال اليقين ، كإعادة الصلاة التي صلّى خلف من كان معتقدا بأنّه عادل ، وهو نقض حقيقة أو أقرب المجازات بالنسبة إلى المعنى الحقيقي للنقض وهو رفع الهيئة الاتّصاليّة في الشيء المحسوس كالحبل.
وهذا بخلاف النقض في باب الاستصحاب إذ يكون النقض فيه بمعنى عدم ترتّب الآثار في المستقبل بعد زمان الشكّ ، وذلك بأن لا يصلّي خلف من شكّ في بقاء عدالته ، وهذا المعنى في الحقيقة دفع وليس برفع ، فالنقض بمعنى الرفع متحقّق في قاعدة اليقين دون الاستصحاب إذن.
نعم ، يمكن صدق النقض في مورد الاستصحاب ـ أيضا ـ فيما إذا اخذ متعلّق اليقين مجرّدا عن التقيد بالزمان الأوّل ، إذ يرجع معنى النقض في المثال المذكور ـ حينئذ ـ إلى عدم ترتيب الأثر على العدالة بعد كونها موردا للأثر ، كما أشار إليه المصنّف قدسسره بقوله :
(إلّا إذا اخذ متعلّقه مجرّدا عن التقييد بالزمان الأوّل).
ثمّ أشار إلى كون الرواية منطبقة على الاستصحاب ـ أيضا ـ بقوله :
(اللهمّ إلّا أن يقال بعد ظهور كون الزمان الماضي في الرواية ظرفا لليقين ... إلى آخره).