هذه جملة ما وقفت عليه من الأخبار المستدلّ بها للاستصحاب ، وقد عرفت عدم ظهور الصحيح منها وعدم صحّة الظاهر منها. فلعلّ الاستدلال بالمجموع باعتبار التجابر والتعاضد.
____________________________________
وفي بحر الفوائد : إنّ الوجه في عدم سلامته تضعيف جماعة من أهل الرجال لمحمد ، ويمكن القول بعدم قدحه بناء على انجبار الضعف بالشهرة وحجيّة الخبر المجبور ، حيث إنّ الرواية معمول بها عند الأصحاب ، وقد عوّلوا عليها في كتبهم الفقهيّة.
إلّا أنّ الإشكال لا ينحصر في سند الرواية حتى يقال باندفاعه بما ذكر من انجبار ضعفها سندا بالشهرة ، بل يمكن منعها دلالة ـ أيضا ـ وذلك أنّ دلالتها على حجيّة الاستصحاب مبنية على أن يكون المراد من اليقين في هذه الرواية هو اليقين السابق ، أي : اليقين بأنّ اليوم الماضي كان من شعبان مثلا ، وليس الأمر كذلك ، بل المراد من اليقين هو اليقين بدخول شهر رمضان ، ولازم ذلك عدم وجوب الصوم إلّا مع اليقين برمضان ، ومعنى قوله عليهالسلام : (لا يدخله الشكّ) هو أنّه لا يجوز صوم يوم الشكّ من رمضان ، كما ورد في عدّة من الروايات : (إنّه لا يصام يوم الشكّ بعنوان أنّه من رمضان) (١) وأنّ الصوم فريضة لا بدّ فيها من اليقين ولا يدخلها الشكّ.
وبعبارة اخرى : إنّ قوله عليهالسلام : (اليقين لا يدخله الشكّ) ظاهر في عدم دخول اليوم المشكوك كونه من رمضان فيه ، وحمله على الاستصحاب بدعوى أنّ المراد منه اليقين لا ينقض بالشكّ بعيد ، لغرابة الاستعمال كما في تقريرات سيدنا الاستاذ السيّد الخوئي رحمهالله حيث قال في ردّ ما ذكر من الإشكالين ما هذا نصّه :
«والتحقيق هو ما ذكره الشيخ رحمهالله من ظهور الرواية في الاستصحاب ، لأنّه لو كان المراد عدم إدخال اليوم المشكوك فيه في رمضان ، لما كان التفريع بالنسبة إلى قوله عليهالسلام : (وافطر للرؤية) صحيحا ، فإنّ صوم يوم الشكّ في آخر شهر رمضان واجب لقوله عليهالسلام : (وافطر للرؤية) مع أنّه يوم مشكوك في كونه من رمضان ، فكيف يصحّ تفريع قوله عليهالسلام : (وافطر للرؤية) الدالّ على وجوب صوم يوم الشكّ في آخر شهر رمضان على قوله عليهالسلام : (اليقين لا
__________________
(١) التهذيب ٤ : ١٦١ / ٤٥٤. الوسائل ١٠ : ٢٩٨ ، أبواب أحكام شهر رمضان ، ب ١٦ ، بالمعنى.