وشوّال لا يستقيم إلّا بإرادة عدم جعل اليقين السابق مدخولا بالشكّ ، أي : مزاحما به.
والإنصاف : إنّ هذه الرواية أظهر ما في هذا الباب من أخبار الاستصحاب ، إلّا أنّ سندها غير سليم.
____________________________________
(ومنها : مكاتبة عليّ بن محمّد القاساني ، قال : كتبت إليه ـ وأنا بالمدينة ـ عن اليوم الذي يشكّ فيه من رمضان ، هل يصام أم لا؟ فكتب عليهالسلام : (اليقين لا يدخله الشكّ ، صم للرّؤية وافطر للرّؤية)).
وتقريب الاستدلال بها إنّما يتمّ فيما إذا كان المراد بقوله عليهالسلام : (اليقين لا يدخله الشكّ) هو أنّ اليقين بشعبان الذي لا يجب فيه الصوم لا يدخله حكما الشكّ بدخول رمضان حتى يخرج عن حكم شعبان الذي هو عدم الوجوب بمجرّد الشكّ في دخول رمضان ، بل لا بدّ من اليقين بدخول رمضان ، وعبّر عن اليقين بدخول رمضان بقوله عليهالسلام : (صم للرؤية) ثمّ بيّن أنّ هذا الحكم لا يختصّ باليقين بشعبان والشكّ في دخول رمضان ، بل كذلك الحكم بالنسبة إلى اليقين برمضان والشكّ في دخول شوّال ، فلا يجوز الخروج ـ حينئذ ـ عن حكم رمضان بمجرّد الشكّ في دخول شوّال ، بل لا بدّ من رفع اليد عن حكم رمضان من الرؤية ، أي : اليقين بدخول شوّال ، فمعنى قوله عليهالسلام : (اليقين لا يدخله الشكّ) ، أي : حكم اليقين لا يرفعه الشكّ في كلّ مورد ، بل الذي يرفعه هو اليقين بخلافه.
وبالجملة ، إنّ الإمام عليهالسلام قد حكم بأنّ اليقين لم يقع مدخولا بالشكّ ولا ينقض به ، ثمّ فرّع على هذه الكبرى الكلّية قوله عليهالسلام : (صم للرؤية وافطر للرؤية) وقد قال المصنّف قدسسره بأنّ هذه الرواية أظهر الروايات في الدلالة على حجيّة الاستصحاب.
ووجه الأظهريّة ، هو عدم وجود ما يجعل (اللام) إشارة إليه في الرواية وعدم احتمال غير الاستصحاب منها ، وذلك لأنّ تفريع الصوم للرؤية لا يناسب قاعدة الاشتغال ، بل يناسب الاستصحاب ، فيكون مفاد الرواية ـ حينئذ ـ (صم للرؤية) استصحابا وذلك لعدم وجوب الصوم ، (وافطر للرؤية) استصحابا لوجوبه أيضا ، ولا إشكال في الرواية من حيث الدلالة.
(إلّا أنّ سندها غير سليم) ، وذلك لأنّ القاساني سمع عنه مذاهب منكرة ، كما في شرح التنكابني.