غير متحقّق غالبا.
فالأولى حملها على إرادة الاستصحاب ، والمعنى : «إنّ الماء المعلوم طهارته بحسب أصل الخلقة طاهر ، حتى تعلم ...» أي : مستمرّ طهارته المفروضة إلى حين العلم بعروض القذارة له ، سواء كان الاشتباه وعدم العلم من جهة الاشتباه في الحكم ، كالقليل الملاقي للنجس والبئر ، أم كان من جهة الاشتباه في الأمر الخارجي ، كالشكّ في ملاقاته للنجاسة أو نجاسة ملاقيه.
____________________________________
السابق من حيث الحكم والغاية).
إذ في كلا الخبرين الحكم هو طهارة ما شكّ في طهارته ، والغاية هي العلم بالنجاسة ، فمقتضى اتّحادهما فيهما هو جريان ما جرى في سابقه في هذا الخبر ، إلّا أنّ الفرق بينهما موضوعا يقتضي الفرق بينهما ظهورا ، بأن يكون ظهور الرواية السابقة في قاعدة الطهارة وظهور هذه الرواية في الاستصحاب ، وقد أشار المصنّف قدسسره إلى الفرق بينهما بقوله :
(إلّا أنّ الاشتباه في الماء من غير جهة عروض النجاسة للماء غير متحقّق غالبا).
وحاصل الفرق ، هو أنّ الموضوع في الرواية السابقة هو كلّ شيء ، ومن المعلوم أنّ بعض الأشياء ما يشكّ في طهارته بحسب خلقته الأصليّة ، كخرء الطير غير المأكول مثلا ، فيناسب فيها إرادة قاعدة الطهارة وبيان أنّ كلّ شيء محكوم ظاهرا بالطهارة إلى زمان العلم بالنجاسة ، وهذا بخلاف الرواية الثانية حيث إنّ الموضوع فيها خصوص الماء ، ولا شكّ في طهارة المياه بحسب خلقتها الأصليّة حتى يكون ظهور الرواية في بيان قاعدة الطهارة كالرواية الاولى ، بل الشكّ في الماء غالبا يتحقّق من جهة عروض النجاسة مع سبق العلم بالطهارة ، فحينئذ يكون ظهور الرواية الثانية في الاستصحاب.
نعم ، قد يشكّ في طهارة الماء ـ أيضا ـ من غير جهة عروض النجاسة كالشكّ في طهارة الكرّ المتغيّر الزائل تغيّره بنفسه ، ولذا قال : (إنّ الاشتباه) والشكّ (في الماء من غير جهة عروض النجاسة للماء غير متحقّق غالبا) لا دائما ، وكيف كان ، فالفرق المذكور يوجب ظهور الرواية الثانية في الاستصحاب ، كما أشار إليه قدسسره بقوله :
(فالأولى حملها على إرادة الاستصحاب).
وقد يقال بظهور هذه الرواية كالرواية السابقة في قاعدة الطهارة أيضا ، وما ذكره من الغلبة لا يكفي في حمل الرواية على إرادة الاستصحاب مع ظهور مثل هذا التركيب في