إلّا أنّ هذا المعنى ـ على تقدير صحّته والإغماض عمّا فيه ـ لا يكاد يجدي في إثبات كون الجزء المشكوك فيه متصفا بكونه من النهار أو من الليل ، حتى يصدق على الفعل الواقع فيه أنّه واقع في الليل أو النهار ، إلّا على القول بالأصل المثبت مطلقا.
أو على بعض الوجوه الآتية.
____________________________________
العين الموجود السابق ، إلّا أنّه في تعريف الاستصحاب يكون بمعنى مجازي عامّ ، وهو بقاء الشيء بعد وجوده أعمّ من أن يكون بالعين ، كما في الامور القارّة ، أو بالمثل ، كما في غيرها.
(إلّا أنّ هذا المعنى) ، أي : التصرّف في المستصحب أو البقاء (على تقدير صحّته والإغماض عمّا فيه) من البعد باعتبار كون التصرّف المذكور محتاجا إلى الدليل (لا يكاد يجدي في إثبات كون الجزء المشكوك فيه متصفا بكونه من النهار أو من الليل) ، لما عرفت سابقا من أنّ استصحاب الليل لا يثبت كون هذا الآن من الليل ، وكذلك استصحاب النهار لا يثبت كون هذا الآن من النهار(حتى يصدق على الفعل) كالإفطار مثلا(الواقع فيه أنّه واقع في الليل أو النهار ، إلّا على القول بالأصل المثبت مطلقا) ، أي : سواء كانت الواسطة جليّة أو خفيّة.
ومثال الأوّل ، كاستصحاب الحياة لإثبات الشيبة الموجبة للإكرام شرعا ، فإنّ الواسطة ـ بين الحياة المستصحبة وبين وجوب الإكرام شرعا هي الشيبة ـ جليّة ، ومعنى كون الشيبة واسطة أنّ الإكرام مترتّب عليها عرفا لا على مجرّد الحياة.
ومثال الثاني ، كاستصحاب رطوبة النجس الموجبة لتنجّس الملاقي ، فإنّ الواسطة بينهما وهي السراية خفيّة عرفا ، بمعنى أنّ التنجّس مترتّب عرفا على نفس رطوبة الملاقى بالفتح ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي مع تصرّف.
(أو على بعض الوجوه الآتية) في الأصل المثبت كصورة خفاء الواسطة فقط.
وحاصل الكلام أنّ استصحاب الليل أو النهار مثبت ، فإن قلنا باعتبار الأصل المثبت مطلقا أو مع خفاء الواسطة جاز استصحاب الليل والنهار لخفاء الواسطة ، فإنّ وجوب الإمساك وعدمه مترتّب عرفا على نفس بقاء النهار والليل وإن ترتّب حقيقة على كون هذا الآن من النهار أو لليل.