وكيف كان فالمعنى الأوّل أظهر ، لكونه المعنى الحقيقي ، ولموافقته لمعنى الإبطال في الآية الاخرى المتقدّمة ، ومناسبته لما قبله من قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ)(١) ، فإنّ تعقيب إطاعة الله وإطاعة الرسول بالنهي عن الإبطال يناسب الإحباط ، لا إتيان العمل على الوجه الباطل ؛ لأنّها مخالفة لله والرسول.
____________________________________
الإتيان مبطلا للجزء السابق ، بمعنى عدم ترتّب الأثر عليه ، فيكون منهيّا بالآية ، إلّا أنّ تعميم الأعمال بحيث تشمل الجزء خلاف ظاهر الآية ؛ لأنّ الظاهر من الأعمال هو مجموع الأجزاء.
وكيف كان فالاستدلال بالآية على صحة العبادة إنّما يصح على الوجه الثالث ، إلّا أنّ المعنى الأوّل أظهر ، كما أشار إليه قدسسره بقوله :
(وكيف كان فالمعنى الأوّل أظهر ، لكونه المعنى الحقيقي ، ولموافقته لمعنى الإبطال في الآية الاخرى المتقدّمة).
وحاصل كلام المصنّف قدسسره في المقام ، هو عدم ظهور الآية في خصوص المعنى الثالث حتى يستدلّ بها على صحة العبادة في المقام وعدم ظهورها في المعنى الثاني أيضا ، بل هي ظاهرة في المعنى الأوّل وهو إحداث البطلان في العمل بمقتضى وضع باب الإفعال ، ولموافقته لمعنى الإبطال في الآية الاخرى المتقدّمة وهي قوله تعالى : (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى)(٢).
(ومناسبته لما قبله من قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) ، فإنّ تعقيب إطاعة الله وإطاعة الرسول بالنهي عن الإبطال يناسب الاحباط).
أي : بطلان العمل بالمعاصي بعد إتيانه صحيحا وجعل الإطاعة الواقعة على وجه الصحة باطلة ، فيكون المعنى : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تحدثوا فيها البطلان ، ولا يكون المعنى هو النهي عن إيجادها باطلة من الأوّل ، كما هو المعنى الثاني ؛ لأنّ العمل فيه
__________________
(١) محمّد صلىاللهعليهوآله : ٣٣.
(٢) البقرة : ٢٦٤.