قال : «ولو لم يعلم أنّ الطهارة ممّا لا يرتفع إلّا برافع ، لم نقل فيه باستصحاب الوجود».
ثمّ قال : «هذا في الامور الشرعيّة ، وأمّا الامور الخارجيّة ، كاليوم والليل والحياة والرطوبة والجفاف ونحوها ممّا لا دخل لجعل الشارع في وجودها ، فاستصحاب الوجود فيها حجّة بلا معارض ، لعدم تحقّق استصحاب حال عقل معارض باستصحاب وجودها». انتهى.
أقول : الظاهر التباس الأمر عليه :
أمّا أوّلا : فلأنّ الأمر الوجودي المجعول إن لوحظ الزمان قيدا له أو لمتعلّقه ، بأن لوحظ
____________________________________
العدم الأزلي ، فيجري استصحاب الوجود فقط من دون تعارض.
(قال : ولو لم يعلم أنّ الطهارة ممّا لا يرتفع إلّا برافع ، لم نقل فيه باستصحاب الوجود) فقط ، بل قلنا بتعارض الاستصحابين وتساقطهما.
(ثمّ قال : هذا) ، أي : ما ذكرنا من التعارض يكون (في الامور الشرعيّة) كالأمثلة المتقدّمة.
(وأمّا الامور الخارجيّة ، كاليوم والليل والحياة والرطوبة والجفاف ونحوها ممّا لا دخل لجعل الشارع في وجودها ، فاستصحاب الوجود فيها حجّة بلا معارض).
ثمّ ما ذكره من تعارض الاستصحاب في الامور الشرعيّة دون الامور الخارجيّة مبني على الفرق بينهما.
وبيان الفرق أنّ الامور الشرعيّة امور اعتباريّة ، فانقلابها من العدم إلى الوجود دائما يكون بتعبّد الشرع واعتباره ، فيكتفي في الانقلاب الاعتباري بالقدر المتيقّن ، ويرجع في غيره إلى العدم الأزلي ، فيمكن التعارض فيها بين الأصل الوجودي والعدمي كما مرّ.
وهذا بخلاف الامور الخارجيّة حيث لا يكون انقلابها من العدم إلى الوجود اعتباريا بالتعبّد ، بل يكون خارجيّا بالتكوين من دون مدخليّة اعتبار معتبر فيها حدوثا وبقاء ، فلا يجوز فيها الاكتفاء بالمتيقّن والرجوع إلى الأصل الأزلي في غيره عند الشكّ ؛ (لعدم تحقّق استصحاب حال عقل) ، أي : العدم الأزلي بعد انقلابه إلى الوجود ، حتى يكون معارضا باستصحاب الوجود.
(انتهى) كلام الفاضل النراقي في مناهج الأحكام.
ثمّ يبدأ المصنّف في بيان فساد ما ذكره الفاضل النراقي بقوله : (الظاهر التباس الأمر عليه) من وجوه :