المقيّد لا يستلزم انتقاض المطلق والأصل عدم الانتقاض ، كما إذا ثبت وجوب صوم يوم الجمعة ولم يثبت غيره.
وأمّا ثانيا : فلأنّ ما ذكره من استصحاب عدم الجعل والسببيّة في صورة الشكّ في الرافع غير مستقيم ، لأنّا إذا علمنا أنّ الشارع جعل الوضوء علّة تامّة لوجود الطهارة ، وشككنا في أنّ المذي رافع لهذه الطهارة الموجودة المستمرّة بمقتضى استعدادها ، فليس الشكّ متعلّقا بمقدار سببيّة السبب. وكذا الكلام في سببيّة ملاقاة البول للنجاسة عند الشكّ في ارتفاعها بالغسل مرّة.
____________________________________
وأمّا على الثاني (فلا يجري إلّا استصحاب العدم ، لأنّ انتقاض عدم وجود المقيّد) بالوجود المقيّد على الفرض (لا يستلزم انتقاض المطلق) ، أي : العدم المطلق.
ففي مثال الأمر بالجلوس يوم الجمعة إلى الزوال كان وجوب الجلوس المقيّد بكونه إلى الزوال معدوما وكان وجوب الجلوس المطلق أيضا معدوما ، وبعد الأمر انتقض عدم وجوب الجلوس المقيّد بوجوب الجلوس المقيّد ، ولكن لم ينتقض عدم وجوب الجلوس المطلق فيستصحب العدم عند الشكّ ، كما أشار إليه بقوله :
(والأصل عدم الانتقاض). هذا تمام الكلام في الوجه الأوّل من وجوه الإشكال على النراقي. ثمّ أشار إلى الوجه الثاني بقوله :
(وأمّا ثانيا ، فلأنّ ما ذكره من استصحاب عدم الجعل والسببيّة في صورة الشكّ في الرافع غير مستقيم) ، ثمّ عدم استقامة الاستصحاب المذكور يتّضح بعد ذكر مقدّمة وهي :
إنّ هذا الإيراد ـ الثاني ـ كالإيراد الثالث الآتي مناقشة في الأمثلة التي ذكرها النراقي لفرض التعارض بين الاستصحاب الوجودي والعدمي ، لأنّ الأمثلة المذكورة كمثال الطهارة قبل المذي والنجاسة قبل الغسل مرّة تكون من أمثلة الشكّ في الرافع لا في المقتضي ، ومن البديهي والمعلوم أنّ وجود المقتضي في موارد الشكّ في الرافع دائما معلوم ومحرز لا يتعلّق به الشكّ.
إذا عرفت هذه المقدّمة يتّضح لك وجه عدم استقامة استصحاب عدم جعل الشارع الوضوء سببا للطهارة بعد المذي وعدم كون ملاقاة البول سببا للنجاسة بعد الغسل مرّة ؛ لأنّ المفروض وجود القطع بالمقتضي وهو السببيّة في المثالين.