المعسور ـ ولا كلام في ذلك ـ لأنّ سقوط حكم شيء لا يوجب بنفسه سقوط الحكم الثابت للآخر ، فتحمل الرواية على دفع توهّم السقوط في الأحكام المستقلّة التي يجمعها دليل واحد ، كما في أكرم العلماء.
____________________________________
التنكابني أو النراقي قدسسرهما نقله المرحوم غلام رضا في تعليقته.
وكيف كان ، فحاصل الإشكال على الاستدلال بالرواية الثانية في المقام هو أنّ الاستدلال بها على ما نحن فيه مبنيّ على أن يكون المراد من الميسور والمعسور أجزاء المركّب ، حيث يرجع مفادها ـ حينئذ ـ إلى أنّ وجوب ما هو الميسور من الأجزاء لا يسقط بسقوط وجوب الأجزاء المعسورة.
إلّا أنّ هذا المبنى والمعنى غير صحيح ، بل الصحيح ـ حينئذ ـ هو سقوط وجوب الأجزاء الميسورة بعد سقوط وجوب الكلّ بتعذّر بعض أجزائه ؛ لأنّ وجوب الأجزاء غيري تابع لوجوب ذي المقدّمة وهو الكلّ.
فلا يصح أن يقال : إنّ وجوب الميسور لا يسقط بسقوط وجوب المعسور لما عرفت من سقوط وجوبه المقدّمي بسقوط وجوب المعسور المستلزم لسقوط وجوب الكلّ ، فيجب ـ حينئذ ـ حمل الميسور والمعسور على كلّي له أفراد ، بأن يكون كلّ فرد موضوعا مستقلا ثمّ سقط حكم بعض الأفراد بتعذّره ، فتوهّم سقوط حكم ما هو ميسور من الأفراد أيضا ، فدفع هذا التوهّم بقوله : (الميسور لا يسقط بالمعسور).
ومن المعلوم أنّه لم يكن المراد من سقوط المعسور هو سقوط نفس الفعل المعسور ، بل المراد ولو بدلالة الاقتضاء هو سقوط حكم المعسور ، إذ لا معنى لسقوط المعسور ، وعدم سقوط الميسور إلّا باعتبار الحكم ، فيكون مفاد هذه الرواية ـ حينئذ ـ نفي الملازمة بين سقوط حكم الميسور كإكرام زيد العالم ، وبين سقوط حكم المعسور كإكرام عمرو العالم المتعذّر بعد صدور أكرم العلماء.
غاية الأمر ، يكون مورد الرواية هي الأحكام المستقلة التي يجمعها دليل واحد ، لا الأحكام المستقلة المتغايرة من حيث الأدلّة كأحكام الصلاة والصوم ، والحج ونحوها ، إذ لا ريب عند الجاهل فضلا عن العالم في أنّ وجوب الصلاة الميسورة لا يسقط بسقوط وجوب الحج المعسور.