نعم ، لو قامت قرينة على إرادة المتعدّد من الموصول ـ بأن اريد أنّ الأفعال التي لا يدرك كلّها ، كإكرام زيد وإكرام عمرو ، وإكرام بكر ، لا يترك كلّها ـ كان لما احتمله وجه ، لكنّ لفظ الكلّ حينئذ ـ أيضا ـ مجموعي لا أفرادي ، إذ لو حمل على الأفرادي كان المراد : «ما لا يدرك شيء منها لا يترك شيء منها» ، ولا معنى له.
____________________________________
أحدهما ، بل التحقيق أنّه مشترك معنوي بينهما ، لأنّه وضع للدلالة على الإحاطة وصفة الكثرة في مدخوله ، فإن كان المأخوذ في مدخوله الوحدة الشخصيّة ، فهو للعموم المجموعي ، كما إذا اضيف إلى فعل المكلّف حال إرادة المصداق الخارجي منه ، وكذلك لفظ زيد مثلا فإنّ كلّه عبارة عن مجموعه.
وإن كانت الوحدة المأخوذة في مدخوله جنسية ، فهو للعموم الأفرادي ، كما إذا اضيف إلى الرقبة أو فعل المكلّف إذا اريد منه الجنس ، وكلّ من هذين ؛ تارة : يكون أخذه في الكلام من باب الموضوعيّة ، واخرى : من باب المرآتيّة.
ونعني بالاولى ما جعل طرف النسبة في الكلام صفة العموم من حيث هو ، وبالثانية ما كان طرف النسبة فيه هو الأفراد وأخذ العموم من جهة كونه مرآة لحالها.
والفرق بين كلّ من الأفرادي والمجموعي ، وبين المرآتي والموضوعي ، أنّ الأوّلين بحسب الوضع والأخيرين بحسب الاستعمال وإرادة المتكلّم.
مثال المرآتي قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ)(١) ، ومثال الموضوعي قوله : ما كلّ ما يتمنى المرء يدركه (٢). إذا عرفت هذا فنقول :
إنّ لفظ الكلّ في الحديث الشريف إن كان من باب عموم السلب ، فالمحذور وارد سواء كان الكلّ مجموعيا أو أفراديا ، وإن كان من باب سلب العموم ، فهو غير وارد على التقديرين. انتهى.
(نعم ، لو قامت قرينة على إرادة المتعدّد من الموصول ـ بأن اريد أنّ الأفعال التي لا يدرك كلّها ، كإكرام زيد وإكرام عمرو ، وإكرام بكر ، لا يترك كلّها ـ كان لما احتمله) من إرادة الأفراد لا الأجزاء (وجه ، لكنّ لفظ الكلّ حينئذ ـ أيضا ـ مجموعي لا أفرادي ، إذ لو حمل على
__________________
(١) لقمان : ١٨.
(٢) ديوان المتنبي ٢ : ٤٦٩.