فى وجوب الحج مسبب عن الشك فى مانعية الدين فالاصل فيها سببى فيقدم على المسببى لما سيظهر فى باب الاستصحاب من تقدم الشك السببى على الشك المسببى والاصل الجارى فيه على الاصل الجارى فيه.
(لا يقال) ان الاصل المذكور اصل مثبت لانه يوجب ثبوت حصول الاستطاعة ثم يترتب عليها وجوب الحج لانا نقول ان الاستطاعة عبارة عن وجود المال الوافى بالحج مع عدم ثبوت الدين والاول ثابت بالعيان والثانى بالاصل فيترتب عليه وجوب الحج وبعبارة اخرى ان الاستطاعة ليست شيئا فى طول المال الوافى وعدم الدين لكى يثبت بعد احرازهما موضوع الاستطاعة فيجب الحج بل هى عبارة اخرى عن ثبوتهما فيكون ترتب وجوب الحج بلا واسطة وان كان من آثاره بواسطة امر عادى او عقلى فلا يكون الاصل مثبتا له.
(اذا عرفت ذلك فنقول) اما المثال الاول فان اراد باصالة عدم وجوب الاجتناب عن احد الإناءين اثبات الطهارة فيه فهو من حيث هو لا مانع من جريانه إلّا انه معارض بجريانه فى الآخر فسقوط الاصل من جهة المعارضة لا كونه مثبتا للحكم.
وان اراد بها اثبات وجوب الاجتناب عن الآخر فعدم كون الاصل مثبتا له انما هو من جهة انه لا يثبت به ما ليس باثر شرعى لان الملازمة بين عدم وجوب الاجتناب عن احدهما ووجوب الاجتناب عن الآخر ليس إلّا من جهة العلم الاجمالى لا ان الملازمة بينهما بحسب الشرع فالملازمة اتفاقية لا واقعية فلا يندرج تحت ميزان ما يثبت الحكم فيه بالاصل.
(واما المثال الثانى) فالحالة السابقة فيه تارة تكون معلومة بان كان مسبوقا بالكرية او مسبوقا بعدمها واخرى تكون مجهولة اما الاول فلا اشكال فيه واما الثانى ففيه للفقهاء قولان مبنيان على ان القلة شرط للانفعال او الكرية مانعة عنه.