______________________________________________________
وينضبط ذلك بالدائرة الهنديّة ، وبها يستخرج خط نصف النّهار الّذي إذا وقع ظل المقياس عليه ـ أعني : الشّاخص المنصوب على مركز الدّائرة ـ كان وقت الاستواء ، وإذا مال عنه إلى جانب المشرق ـ وهو الجانب الّذي فيه المشرق بالنّسبة إلى خط نصف النّهار ـ كان أوّل الزّوال.
إذا عرفت ذلك ، فاعلم أنّ في قول المصنّف : ( وهو ظهور زيادة الظّلّ ... ) ـ يعني الزّوال ـ توسعا وتجوزا ، لأن ذلك لازم الزّوال لا نفسه ، فإنّ الزّوال للشّمس لا للظّل ، وقد أدرج علامتي الزّوال معا ـ أعني : ظهور الظّلّ في جانب المشرق ، وبدوّ زيادته ـ بعد أن لم يكن في عبارته ، وهما علامتان مستقلّتان وإن كانتا في الواقع متلازمتين ، وليس العلم بها معا شرطا لحصول العلم بدخول الوقت ، بل تكفي الواحدة ، والعبارة قد توهم خلاف ذلك.
وقد يعلم الزّوال أيضا بميل الشّمس إلى الحاجب الأيمن لمن يستقبل قبلة العراق ، ذكره الأصحاب (١) ، وفي المبسوط بصيغة وروي (٢) ، وفي المنتهى ما صورته : وقد يعرف الزّوال بالتوجّه إلى الركن العراقي لمن كان بمكّة ، فإذا وجد الشّمس على حاجبه الأيمن علم أنّها قد زالت (٣) ، وفيه كلامان :
أحدهما : أن الركن العراقي ليس قبلة أهل العراق ـ كما هو معلوم ـ فإذا توجه إليه لم تتحقّق صيرورة الشّمس على حاجبه الأيمن ، إلا بعد مضي زمان كثير من وقت الظّهر.
الثّاني : انّ بقية البلاد كذلك ، فما وجه التخصيص بمكة؟ ويمكن أن يكون المقتضي للتخصيص هو أنّ قبلة البعيد هي الجهة ، وفيها طول واتّساع ، فلا يظهر ميل الشّمس إلى الحاجب الأيمن إلا بعد مضي زمان كثير من وقت الظّهر ، بخلاف الاستقبال إلى نفس الكعبة فإن تعيين المحل أقرب إلى الانضباط.
ويرد عليه : أنّ قبلة أهل العراق إلى نفس الكعبة وفيها اتساع أيضا ، إذ ليست
__________________
(١) منهم : المحقق في المعتبر ٢ : ٦٩ ، والشهيد في الذكرى : ١٦٢.
(٢) المبسوط ١ : ٧٣.
(٣) المنتهى ١ : ١٩٩.