غير المأكول عادة ولا الملبوس ، إذا لم يخرج بالاستحالة عنها
______________________________________________________
وعن هشام بن الحكم قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أخبرني عمّا يجوز السّجود عليه ، وعمّا لا يجوز؟ قال : « السّجود لا يجوز إلاّ على الأرض ، أو على ما أنبتت الأرض ، إلاّ ما أكل أو لبس » (١).
إذا عرفت ذلك فالمراد بالمأكول عادة : ما صدق عليه اسم المأكول عرفا ، لكون الغالب أكله ، ولو في بعض الأقطار ، فلو أكل نادرا أو في محل الضّرورة لم يعد مأكولا ، كما في المخمصة ، وكالعقاقير التي تجعل في الأدوية من النّباتات التي لم يكثر أكلها.
ولو أكل شائعا في قطر دون غيره فهو مأكول على الظاهر ، إذ لا تطرد أغلبية أكل شيء في جميع الأقطار ، فإن الحنطة مثلا لا تؤكل في بعض البلاد إلا نادرا ، وكذا القول في الملبوس.
وحذف المصنّف قيد العادة من الملبوس لدلالة ما قبله ، ولأن صدق اسم الملبوس على شيء إنّما يتحقّق بالعادة ، لأنّ المرجع في مدلولات مثل هذه الألفاظ إلى العرف ، فلو اتّخذ من خوص النّخل ، أو من ليفه ، أو نحوهما ثوبا لم يمنع من السّجود عليه ، لعدم كونه ملبوسا في العادة.
ولو كان لشيء حالتان يؤكل في إحداهما دون الأخرى كقشر اللوز ، وجمّار النّخل لم يجز السّجود عليه حالته الاولى ، وجاز في الحالة الأخرى ، لأن قشر اللّوز وجمّار النّخل يصير بعد من جملة الخشب.
واعلم أن قول المصنّف : ( غير المأكول عادة ولا الملبوس ) استثناء من النابت من الأرض ، وقوله : ( إذا لم يخرج بالاستحالة عنها ) قيد في الأرض ، والعامل في الظرف ( يصح ) ، والضّمير في ( يخرج ) يعود إلى الأرض.
وفي العبارة مناقشة لطيفة ، وهو أن ما عدّ أرضا كيف يكون خارجا بالاستحالة عنها ، فان المستحيل لا يعد أرضا كما أن الأرض لا تكون مستحيلة؟
ويمكن الحمل على اختلاف الزّمان ، على معنى أنّه يصحّ السّجود على ما عدّ أرضا إذا لم تحدث له الاستحالة بعد ذلك عن اسم الأرض ، فما لا يعد أرضا أصلا يكون
__________________
(١) الفقيه ١ : ١٧٧ حديث ٨٤٠ ، علل الشرائع : ٣٤١ حديث ١ ، التهذيب ٢ : ٢٣٤ حديث ٩٢٥.