______________________________________________________
يستحبّ في المؤذّن أمور :
أحدها : العدالة ، ولا تشترط عندنا ، فيعتد بأذان الفاسق ـ خلافا لابن الجنيد ـ (١) لأنّه يصحّ أذانه لنفسه لكونه عاقلا مسلما ، فيعتبر في حقّ غيره لعدم المانع ، إلاّ أن العدل أفضل ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « يؤذّن لكم خياركم » (٢) ، ولكونه مؤتمنا ، ولأن الفاسق لا يؤمن تطلعه على العورات حال أذانه على مرتفع.
ثانيها : كونه مبصرا ليتمكّن من معرفة الأوقات ، ولو أذن الأعمى جاز واعتدّ به ، لما ورد في أذان ابن أمّ مكتوم وكان أعمى (٣) ، ويكره بغير مسدّد عند الشّيخ (٤) ، وابن إدريس (٥).
ثالثها : أن يكون بصيرا بالأوقات ، أي : عارفا بها ، ليأمن الغلط ، ولو أذن الجاهل في وقته صح واعتد به لحصول المطلوب.
رابعها : أن يكون صيّتا ليعم النفع به ، فإنّ القصد به الإعلام ، والنفع بالصيت فيه أبلغ ، ولقول النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لعبد الله بن زيد : « ألقه على بلال ، فإنّه أندى منك صوتا » (٦) ، أي : أرفع. ويستحبّ أن يكون حسن الصّوت لتقبل القلوب على سماعه.
خامسها : أن يكون متطهرا من الحدثين ، وعليه إجماع العلماء ، لقول النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « حقّ وسنة أن لا يؤذن أحد ، إلا وهو طاهر » (٧) ، وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « لا يؤذن إلا متوضئ » (٨) ، وليست الطّهارة شرطا فيه عند علمائنا ، لأنّه
__________________
(١) نقله عنه في المختلف : ٩٠.
(٢) الفقيه ١ : ١٨٥ حديث ٨٨٠ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٤٠ حديث ٧٢٦ ، سنن أبي داود ١ : ١٦١ حديث ٥٩٠.
(٣) الفقيه ١ : ١٩٤ حديث ٩٠٥.
(٤) المبسوط ١ : ٩٧.
(٥) السرائر : ٤٣.
(٦) سنن البيهقي ١ : ٣٩١ ، سنن أبي داود ١ : ١٣٥ حديث ٤٩٩ ، سنن الدار قطني ١ : ٢٤١ حديث ٢٩.
(٧) سنن البيهقي ١ : ٣٩٧ باختلاف يسير ، تلخيص الحبير المطبوع مع المجموع ٣ : ١٩٠ نقلا عن الدار قطني في الأفراد.
(٨) سنن الترمذي ١ : ١٢٩ باب ١٤٧.