______________________________________________________
المركّب من الحرفين فصاعدا ، ومن صدق اسم الكلام عليه لغة وعرفا ، بل هو كلام عند أهل صناعة العربية لتضمنه الاسناد ، فتتناوله الأخبار الواردة بكون تعمد الكلام مبطلا ، وكونه بصورة الحرف غير قادح (١) ، لأنّ باقي الحروف محذوفة لعلة عند أهل الصناعة ، والمحذوف لعلة كالمذكور.
والحق أنّ الوجه الأوّل ضعيف جدّا ، لأنّ المقتضي للإبطال هو النطق بالكلام ، وهذا كلام قطعا ، وقول الفقهاء : الكلام بحرفين خرج مخرج الغالب ، أو ان المحذوف هنا لما كان بمنزلة المذكور كان كلاما بحرفين.
واعلم أنّ قول الشّارح (٢) ـ في بيان الوجه الثّاني : ومن حصول الإفهام به فأشبه الكلام ـ لا يخلو من مناقشة.
الثّانية : الحرف بعده مدّة ، والمراد به : إشباع الضّمّ أو الفتح أو الكسر في حرف ، وفي الإبطال به عمدا النظر ، ومنشؤه من أنّه يعد حرفا واحدا ، ومن أنّ المدّة إمّا واو ، أو ألف ، أو ياء ، وتسميتها مدّة ـ لكونها حروف المد واللين ـ لا يخل بكونها حرفا ، وهو الأصحّ.
الثّالثة : لو تكلّم في الصّلاة مكرها على الكلام ففي الإبطال به النظر أيضا ، ومنشؤه من ظاهر قوله عليهالسلام : « رفع عن أمّتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه » (٣) ، وقد سبق أنّ المراد رفع أحكامها ، ومن إطلاق الأخبار ببطلان الصّلاة بالتكلم عمدا ، وبالإكراه لا يخرج عن كونه عمدا.
وطريق الجمع الحمل على أنّ المراد هنا رفع المؤاخذة ، أو رفع ما سوى ذلك ، ومثله ما لو أكره على الصّلاة بغير طهارة ، أو على زيادة ركعة أو نقصانها ونحو ذلك ، وهو الأصحّ ، نعم لا يأثم ، ومثله من تكلّم مجيبا للنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو للإمام عليهالسلام ، أو لأحد الأبوين.
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٣٢ حديث ١٠٢٩ ، التهذيب ٢ : ٣١٩ حديث ١٣٠٢.
(٢) إيضاح الفوائد ١ : ١١٦.
(٣) الفقيه ١ : ٣٦ حديث ١٣٢ ، الخصال : ١٨٤ حديث ٩.