______________________________________________________
الصّعود بعد الأذان (١) ، استنادا إلى مقطوعة محمّد بن مسلم (٢) ، والتّأسي به واجب ، ولأنّ العبادات انّما تستفاد بتوقيف الشّارع ، والاّ كانت بدعة محرمة.
وقد روي أنّ أوّل من أحدث ذلك عثمان (٣) قال الشّافعي : ما فعله النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبو بكر وعمر أحبّ إليّ (٤). وقال عطاء : أوّل من فعل ذلك معاوية (٥).
فإن قيل : الأذان ذكر يتضمن التعظيم ، فلا يكون محرّما ، للأمر بمطلق الذّكر ، لكن من حيث أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يفعله كان حقيقا بوصف الكراهيّة.
قلنا : ليس النّزاع فيما يكون ذكرا مطلقا من غير أن يعد وظيفة ، فإنّ المؤذن مثلا لو تعدد واتّسع الوقت ترتّبوا ، ولو لم يكن تعدد الأذان محرما ولا مكروها. وإنّما الكلام في توظيف الأذان متعددا يوم الجمعة ، كما هو المنقول عمّن أحدثه ، فالإتيان به على هذا الوجه لا يكون إلاّ بدعة وإدخالا في الشّرع ما ليس منه ، ولا يعقل في هذا ونحو إلاّ التّحريم.
إذا تقرّر هذا ، فالمراد بالأذان الثّاني : ما يقع ثانيا بالزّمان بعد أذان آخر ، لأنّ الواقع أو : هو المأمور به ، لأنّ به تتأدّى وظيفة الوقت.
ويحتمل أن يحرم ما لم يكن بين يدي الخطيب ، لأنّه الثّاني باعتبار الإحداث ، سواء وقع أولا ، أو ثانيا بالزّمان.
ويضعّف ، بأن كيفيّة الأذان الواقع في عهده صلىاللهعليهوآلهوسلم غير شرط في شرعيته إجماعا ، إذ لو وقع قبل صعود الخطيب ، أو لم يصعد منبرا ، بل خطب على
__________________
(١) الكافي في الفقه : ١٥١.
(٢) الكافي ٣ : ٤٢٤ حديث ٧ ، التهذيب ٣ : ٢٤١ حديث ٦٤٨.
(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٠ ، سنن النسائي ٣ : ١٠٠ ـ ١٠١ ، سنن البيهقي ٣ : ١٩٢ ، ٢٠٥.
(٤) الام ١ : ١٩٥.
(٥) المصدر السابق.