وقولهم بتوقف الطهارة على غسل كلّ جزء ، فمرادهم طهارة الجميع ، كما يدلّ عليه تصريحهم بعدم التطهير بغسل جزء منه ، مع أنّ هذا الجزء يطهر بغسله قطعاً.
ثمّ المراد بنجاسة الجميع ، هو ما يقال في سائر النجاسات ، فينجس ملاقيه ، أي ملاقي الجميع ، لا كل جزء ، ولا يجوز استعمال الجميع في مشروط الطهارة (١) ؛ لأنّ النجاسة كانت في ضمن الجميع متحققة ، وزوالها ـ ولو غُسل جزء ـ غير معلوم ، فيجب استصحابها الموجب لترتّب جميع أحكامها عليها ، إلّا عند من يقول بعدم ترتب أحكام النجاسات على النجاسة الاستصحابية ، وهو ضعيف جداً.
نعم ، لو ثبت بعض أحكام النجاسات لكل جزء منه أيضاً ، كما في الثوبين (٢) ، والإِنائين (٣) ، فهو لا يوجب ثبوت سائر الأحكام له أيضاً.
والتوضيح : أنّ الكلام في المشتبه يقع في مواضع أربعة :
أولها : في طهارة كل جزء على البدلية.
وثانيها : في تطهير الجميع وزوال النجاسة المتحققة.
وثالثها : في حكم كل جزء بالنسبة إلى مشروط الطهارة ، أو في تنجّس ملاقيه ونحوه.
ورابعها : في حكم الجميع بالنسبة إلى ذلك.
أما الأول : فلا كلام فيه ؛ لطهارة كلّ جزء بالأصل ، وتطهره قطعاً بالغسل.
وما في كلامهم (٤) من أنّه يجب غسل كلّ جزى فهو لتحصيل العلم بطهارة
__________________
(١) كالثوب في الصلاة والارض في السجود والتيمم والماء في الطهارة (منه ره).
(٢) حيث إنه لا يجوز مع واحد منهما (منه ره).
(٣) حيث لا تتم الطهارة بكل واحدٍ منهما (منه ره).
(٤) كما في المعتبر ١ : ٤٣٧ ، والشرائع ١ : ٥٤.