خبره ، «كخشية الله» من إضافة المصدر إلى المفعول ، وقع موقع المصدر أو موقع الحال من فاعل «يخشون» على معنى : يخشون الناس مثل أهل خشية الله منه ، أي : مشبّهين أهل خشية الله.
(أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً) من أهل خشية الله. عطف على «كخشية الله» إن جعلته حالا ، وإن جعلته مصدرا فلا ، لأنّ أفعل التفضيل إنّما يكون من جنسه إذا كان ما بعده مجرورا ، وأمّا إذا نصب لم يكن من جنسه ، فلا تقول : خشي فلان أشدّ خشية ، بنصب خشية ، وأنت تريد المصدر ، بل تقول : أشدّ خشية بالجرّ ، بل هو معطوف على اسم الله تعالى ، أي : كخشية الله أو كخشية أشدّ خشية منه على الفرض.
ولفظ «أو» هنا لإبهام الأمر على المخاطب. وقيل : بمعنى الواو. ونظير ذلك قوله تعالى : (أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) (١).
(وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا) هلّا (أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) استزادة في مدّة الكفّ عن القتال إلى وقت آخر ، حذرا من الموت. ويحتمل أنّهم ما تفوّهوا به ، ولكن قالوه في أنفسهم ، فحكى الله تعالى عنهم.
ثم أعلمهم أنّ ما يستمتع به من منافع الدنيا قليل ، فقال : (قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ) سريع التقضّي (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً) ولا تنقصون أدنى شيء من أجوركم على مشاقّ المقاتلة ، فلا ترغبوا عنها ، أو من آجالكم المقدّرة.
وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي : ولا يظلمون ، لتقدّم الغيبة.
(أَيْنَما تَكُونُوا) من الأماكن (يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ) يلحقكم الموت وينزل بكم (وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ) في قصور أو حصون (مُشَيَّدَةٍ) مرتفعة ، أو مطوّلة في ارتفاع. وقيل : في بروج السماء. والبروج في الأصل بيوت على طرف القصر ، من : تبرّجت المرأة ، إذا ظهرت.
__________________
(١) البقرة : ٧٤.