(مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) أي : وعلى قاتله تحرير رقبة مؤمنة ، كما روي عن الصادق عليهالسلام ، وعليه جمهور الفقهاء.
(فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) رقبة ، بأن لم يملكها ، ولا ما يتوصّل به إليها (فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ) فعليه ، أو فالواجب عليه صيام شهرين. (تَوْبَةً) نصب على المفعول له ، أي : شرع ذلك توبة كائنة (مِنَ اللهِ) من تاب الله عليه ، إذا قبل توبته.
أو على المصدر ، أي : وتاب الله عليكم توبة. أو الحال بحذف مضاف ، أي : فعليه صيام شهرين ذا توبة من الله.
وقيل : المراد بالتوبة هنا التخفيف من الله ، لأنّه سبحانه إنّما جوّز للقاتل العدول إلى الصيام تخفيفا عليه ، فيكون كقوله : (عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ) (١).
(وَكانَ اللهُ عَلِيماً) بحاله (حَكِيماً) فيما أمر في شأنه.
والآية نزلت في عياش بن أبي ربيعة أخي أبي جهل من الأمّ ، وذلك أنّه اسلم وهاجر خوفا من قومه إلى المدينة قبل هجرة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأقسمت أمّه لا تأكل ولا تشرب ولا يظلّها سقف حتى يرجع. فخرج أبو جهل ومعه الحارث بن زيد العامري فأتياه وهو في أطم (٢) ، فاطّلع أبو جهل في ذروة (٣) وقال : أليس محمد يحثّك على صلة الرحم؟ انصرف وبرّ أمّك وأنت على دينك ، حتّى نزل وذهب معهما. فلمّا خرجا من المدينة كتّفاه وجلده كلّ واحد منهما مائة جلدة. فقال للحارث : هذا أخي ، فمن أنت يا حارث؟ لله عليّ إن وجدتك خاليا أن أقتلك.
وقدما به على أمّه ، فحلفت لا تحلّ كتافه أو يرتدّ ، ثم فعل. ثم هاجر بعد ذلك ، وأسلم الحارث وهاجر ، فلقيه عياش بظهر قبا ـ ولم يشعر بإسلامه ـ فقتله ، ثم أخبر
__________________
(١) المزّمّل : ٢٠.
(٢) الأطم جمعه آطام : القصر والحصن المبنيّ بالحجارة ، وكلّ بناء مرتفع.
(٣) الذروة : العلوّ والمكان المرتفع.