والمبذّرين. وإنّما أضاف الأموال إلى الأولياء لأنّها في تصرّفهم وتحت ولايتهم ، وهو الملائم للآيات المتقدّمة والمتأخّرة.
وقيل : نهي لكلّ أحد أن يعمد إلى ما أعطاه الله تعالى من المال ، فيعطي امرأته وأولاده ، ثمّ ينظر إلى أيديهم.
وإنّما سمّاهم سفهاء استخفافا بعقولهم ، واستهجانا لجعلهم قوّاما على أنفسهم. وهو أوفق لقوله تعالى : (الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً) أي : ما تقومون بها وتنتعشون ، فلو ضيّعتموها بإعطاء السفهاء لضعفتم واحتجتم. وعلى الأوّل يؤوّل بأنّها الّتي من جنس ما جعل الله لكم قياما ، كما قال : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) (١) أي : مثل أنفسكم.
وقرأ نافع وابن عامر : قيما بالقصر بمعناه ، كعوذ بمعنى عياذ.
(وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ) واجعلوا الأموال مكانا لرزقهم وكسوتهم ، بأن تتّجروا وتحصّلوا من نفعها ما يحتاجون إليه ، ولأجل هذا المعنى لم يقل : منها.
وقيل : معناه الرزق من الله فيها ، أي : جعل الله رزقكم ورزقهم فيها. فعلى الأوّل يمكن أن يحتجّ به على وجوب الكسب بمال المولّى عليهم ، لظاهر الأمر. ويحتمل عدم الوجوب ، للأصل ، ولأنّه اكتساب ولا يجب. والحقّ أنّه يجب استنماؤه قدر النفقة ، وأمّا الزيادة على ذلك فندب. هكذا قال صاحب كنز العرفان (٢).
(وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً) عدة جميلة تطيب بها نفوسهم ، فلا تخاشنوهم ، أو قولوا لهم ما ينبّههم على الرشد والصلاح من أمر المعاش والمعاد ، حتّى إذا بلغوا كانوا على بصيرة من ذلك. والمعروف ما عرفه الشرع أو العقل لحسنه ، والمنكر ما أنكره أحدهما لقبحه.
__________________
(١) النساء : ٢٩.
(٢) كنز العرفان ٢ : ١١١.