وقال عليّ بن إبراهيم في تفسيره : «حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إنّ الله فرض التجمّل في القرآن. فقال : قلت : وما التجمّل جعلت فداك؟ قال : أن يكون وجهك أعرض من وجه أخيك فتجمل له ، وهو قوله : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ) الآية».
قال : «وحدّثني أبي رفعه إلى أمير المؤمنين عليهالسلام : أنّ الله فرض عليكم زكاة جاهكم ، كما فرض عليكم زكاة ما ملكت أيمانكم» (١).
(وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) لطلب رضا الله تعالى (فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) أي : مثوبة عظيمة في الكثرة والمنزلة والصفة. أمّا الكثرة فلأنّه دائم.
وأمّا المنزلة فلأنّه مقارن للتعظيم والإجلال. وأمّا الصفة فلأنّه غير مشوب بما ينغّصه. وقرأ حمزة : يؤتيه بالياء.
واعلم أنّ الله تعالى بنى الكلام في هذه الآية على الأمر ، ورتّب الجزاء على الفعل ، ليدلّ على أنّه لمّا دخل الآمر في زمرة الخيّرين كان الفاعل أدخل فيهم ، وأنّ العمدة والغرض هو الفعل ، واعتبار الأمر من حيث إنّه وصلة إليه. وقيّد الفعل بأن يكون لطلب مرضاة الله تعالى ، لأنّ الأعمال بالنيّات ، وأنّ من فعل خيرا رياء وسمعة لم يستحقّ بها من الله أجرا. ووصف الأجر بالعظيم تنبيها على حقارة ما فات في جنبه من أعراض الدنيا.
وفي الآية أيضا دلالة على أنّ فاعل المعصية هو الذي يضرّ بنفسه ، لما يعود عليه من وبال فعله ، وأنّ الّذي يدعو إلى الضلال هو المضلّ ، وأنّ فاعل الضلال مضلّ لنفسه ، وأن الدعاء إلى الضلال يسمّى إضلالا.
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ١٥٢.