هؤلاء لنكوننّ خيرا منهم وأحسن حالا ، ولا أمانيّ أهل الكتاب ، وهو قولهم : (لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى) (١) وقولهم : (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) (٢).
ثمّ قرّر ذلك وقال : (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) عاجلا وآجلا ، لما روي عن أبي هريرة قال : لمّا نزلت هذه الآية بكينا وحزنّا وقلنا : يا رسول الله ما أبقت هذه الآية من شيء. فقال : أما والّذي نفسي بيده إنّها فيكم أنزلت ، ولكن أبشروا وقاربوا وسدّدوا ، إنّه لا تصيب أحدا منكم مصيبة إلّا كفّر الله بها خطيئة ، حتى الشوكة يشاكها أحدكم في قدمه. رواه الواحدي (٣) في تفسيره مرفوعا.
وروي أيضا لمّا نزل قال أبو بكر : فمن ينجو مع هذا يا رسول الله؟ فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : أما تحزن؟ أما تمرض؟ أما يصيبك الأذى؟ قال : بلى يا رسول الله. قال : هو ذاك.
(وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) ولا يجد لنفسه إذا جاوز موالاة الله تعالى ونصرته من يواليه وينصره في دفع العذاب عنه.
(وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ) بعضها أو شيئا منها ، فإنّ كلّ أحد لا يتمكّن من كلّها ، وليس مكلّفا بها (مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى) في موضع الحال من المستكن في «يعمل» و «من» للبيان ، أو من الصالحات ، أي : كائنة من ذكر أو أنثى. و «من» للابتداء. (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) حال شرط اقتران العمل بها في استدعاء الثواب المذكور ، تنبيها على أنّه لا اعتداد بالعمل دون الإيمان في استدعاء الثواب (فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً) بنقص شيء من الثواب ، وإذا لم ينقص ثواب المطيع
__________________
(١) البقرة : ١١١.
(٢) البقرة : ٨٠.
(٣) الوسيط ٢ : ١١٩.