سواها ، فطلّقها تطليقة حتى إذا بقي من أجلها يسير قال : إن شئت راجعتك وصبرت على الأثرة (١) ، وإن شئت تركتك. قالت : بلى راجعني وأصبر على الأثرة ، فراجعها.
فهذا الصلح الّذي بلغنا أنّ الله تعالى أنزل فيه.
(وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها) توقّعت منه لما ظهر لها من الأمارات. و «امرأة» فاعل فعل يفسّره الظاهر (نُشُوزاً) تجافيا عنها ، وترفّعا عن صحبتها ، واستعلاء وارتفاعا بنفسه عنها إلى غيرها ، كراهة لها ومنعا لحقوقها (أَوْ إِعْراضاً) بأن يقلّ مجالستها ومحادثتها ومؤانستها ، لطعن في سنّ ، أو شيء في خلق أو خلق ، أو طموح عين إلى أخرى ، أو غير ذلك (فَلا جُناحَ) فلا حرج ولا إثم (عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً) أن يتصالحا ، بأن تحطّ له بعض المهر أو القسم ، أو تهب له شيئا تستميله به.
وقرأ الكوفيّون : أن يصلحا ، من أصلح بين المتنازعين. وعلى هذا جاز أن ينتصب «صلحا» على المفعول به ، و «بينهما» ظرف أو حال منه. أو على المصدر كما في القراءة الأولى ، والمفعول «بينهما».
(وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) من الفرقة أو سوء العشرة ، أو من الخصومة والإعراض. أو لا يراد به التفضيل ، بأن يراد أنّ الصلح خير من الخيور ، كما أنّ الخصومة من الشرور. وهو اعتراض. وكذا قوله : (وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَ) ولذلك اغتفر عدم تجانسهما. والأوّل للترغيب في المصالحة ، والثاني لتمهيد العذر في المماكسة.
ومعنى إحضار الأنفس الشحّ جعلها حاضرة له لا يغيب عنها أبدا ، إذ هو كالمطبوعة عليه في اللزوم ، فلا تكاد المرأة تسمح بالإعراض عن قسمتها والتقصير في حقّها ، ولا الرجل يسمح بأن يمسكها ويقوم بحقّها على ما ينبغي إذا كرهها أو أحبّ غيرها.
__________________
(١) الأثرة : الاختيار ، أي : إن شئت راجعتك وصبرت على اختياري المرأة الشابّة.