إذا كنّ محبوبات كلّهنّ ، فكيف إذا مال القلب مع بعضهنّ؟! (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ) ولا تعدلوا بأهوائكم عمّن لم تملكوا محبّة منهنّ كلّ العدول بترك المستطاع أيضا ، والجور على المرغوب عنها ، فإنّ ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه ، فلا تجوروا عليهنّ في ترك أداء الواجب لهنّ عليكم ، من حقّ القسمة والنفقة والكسوة والعشرة بالمعروف من غير رضا منها (فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ) الّتي ليست ذات بعل ولا مطلّقة.
ذكر عليّ بن إبراهيم في تفسيره أنّه سأل رجل من الزنادقة أبا جعفر الأحول عن قوله تعالى : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً) (١) ثمّ قال (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ) فبين القولين فرق. فقال أبو جعفر الأحول : فلم يكن في ذلك عندي جواب حتى قدمت المدينة ، فدخلت على أبي عبد الله عليهالسلام ، فسألته عن ذلك ، فقال : أمّا قوله : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا) (٢) فإنّما عني به التفقّه.
وأمّا قوله : (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا) فإنّه عنى به المودّة ، فإنّه لا يقدر أحد أن يعدل بين امرأتين في المودّة. قال : فرجعت إلى الرجل فأخبرته ، فقال : هذا ما حملته الإبل من الحجاز» (٣).
وروى أبو قلابة عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من كانت له امرأتان ، فكان إذا كان يوم واحدة لا يتوضّا في بيت الاخرى».
وايضا عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من كانت له امرأتان يميل مع إحداهما ، جاء يوم القيامة وأحد شقّيه مائل».
(وَإِنْ تُصْلِحُوا) ما كنتم تفسدون من أمورهنّ في القسمة والتسوية
__________________
(١) النساء : ٣.
(٢) النساء : ٣.
(٣) تفسير القمّي ١ : ١٥٥.