(وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى) متثاقلين لا عن رغبة ، كالمكره على الفعل (يُراؤُنَ النَّاسَ) يقصدون بصلاتهم الرياء والسمعة. والمراءاة مفاعلة بمعنى التفعيل ، كـ : نعّم وناعم ، أو للمقابلة ، لأنّ المرائي يري الناس عمله ، وهم يرونه استحسانه (وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً) إذ المرائي لا يفعل إلّا بحضرة من يرائيه ، وهو أقلّ أحواله. أو لأنّ ذكرهم باللسان قليل بالإضافة إلى الذكر بالقلب.
وقيل : المراد بالذكر الصلاة. يعني : لا يصلّون إلّا قليلا ، لأنّهم لا يصلّون قطّ غائبين عن عيون الناس ، وما يجاهرون قليل.
وقيل : الذكر فيها ، فإنّهم لا يذكرون فيها غير التكبير والتسليم.
(مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ) حال من واو «يراءون» ، كقوله : «ولا يذكرون» أي : يراءونهم غير ذاكرين مذبذبين ، أو من واو «يذكرون» ، أو منصوب على الذمّ.
والمذبذب هو الّذي يذبّ عن كلا الجانبين ويذاد ويدفع ، فلا يقرّ في حال واحدة ، من الذبذبة ، وهو جعل الشيء مضطربا. وأصله الذبّ بمعنى الطرد. ومذبذبهم الشيطان. فالمعنى : ذبذبهم وردّدهم الشيطان بين الكفر والإيمان ، فهم متردّدون بينهما متحيّرون.
(لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ) لا منسوبين إلى المؤمنين فيكونوا مؤمنين ، ولا إلى الكافرين فيكونوا كافرين. أو لا صائرين إلى أحد الفريقين بالكلّيّة. وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ مثلهم مثل الشاة العائرة (١) بين الغنمين ، يتحيّر فينظر إلى هذه وإلى هذه».
(وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ) أي : يخذله ويخلّه (فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) إلى الحقّ والصواب. ونظيره قوله : (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ) (٢).
روى العيّاشي بإسناده إلى مسعدة بن زياد ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، عن
__________________
(١) أي : المتردّدة بين قطيعين لا تدري أيّهما تتبع.
(٢) النور : ٤٠.