جبرئيل إلى السماء. فبعث يهوذا رأس اليهود رجلا من أصحابه اسمه طيطانوس ليدخل عليه الخوخة فيقتله ، فدخل فلم يره ، فأبطأ عليهم ، فظنّوا أنّه يقاتله في الخوخة ، فألقى الله تعالى عليه شبه عيسى ، فلمّا خرج على أصحابه قتلوه وصلبوه.
وأمثال ذلك من الخوارق التي لا تستبعد في زمان النبوّة.
وإنّما ذمّهم الله تعالى بما دلّ عليه الكلام من جرأتهم على الله عزوجل ، وقصدهم قتل نبيّه المؤيّد بالمعجزات الباهرة ، وتبجّحهم (١) به ، لا بقولهم هذا على حسب حسبانهم.
و «شبّه» مسند إلى الجارّ والمجرور ، وكأنّه قيل : ولكن وقع لهم التشبيه بين عيسى والمقتول. أو في الأمر على قول من قال : لم يقتل أحد ولكن أرجف بقتله فشاع بين الناس. أو مسند إلى ضمير المقتول ، لدلالة «إنّا قتلنا» على أنّ ثمّة مقتولا ، أي : لكن شبّه لهم من قتلوه.
(وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ) في شأن عيسى عليهالسلام ، فإنّه لمّا وقعت تلك الواقعة اختلف الناس ، فقال بعض اليهود : إنّه كان كاذبا فقتلناه حقّا. وتردّد آخرون ، فقال بعضهم : إن كان هذا عيسى فأين صاحبنا؟ وقال بعضهم : الوجه وجه عيسى ، والبدن بدن صاحبنا. وقال من سمع منه : إنّ الله يرفعني إلى السماء ، إنّه رفع إلى السماء.
وقال قوم : إنّه صلب الناسوت ، يعنون بدنه ، ورفع اللاهوت ، يعنون به روحه.
واختلفوا في أنّه إله أو ابن إله.
(لَفِي شَكٍّ مِنْهُ) لفي تردّد. والشكّ كما يطلق على مالا يترجّح أحد طرفيه ، يطلق على مطلق التردّد ، وعلى ما يقابل العلم ، ولذلك أكّده بقوله : (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِ) استثناء منقطع ، أي : ولكنّهم يتّبعون الظنّ. ويجوز أن يفسّر الشكّ بالجهل ، والعلم بالاعتقاد الّذي تسكن إليه النفس ، جزما كان أو غيره ، فيتّصل
__________________
(١) أي : تفاخرهم ومباهاتهم به.