وإن أطلق على كلّ سبع ، لقوله عليهالسلام : «اللهمّ سلّط عليه كلبا من كلابك» (١) لكنّه حقيقة في هذا المعهود ، فيكون الاشتقاق منه ، فيكون مقيّدا مخصّصا لمطلق الجوارح. ولذلك قسّم أصحابنا صيد الجوارح إلى قسمين : ما أدرك ذكاته فلا يحلّ إلّا بالتذكية مطلقا ، وما لم يدرك ذكاته إن كان مقتول الكلب فهو حلال ، وإلّا فهو حرام ، صيد أيّ الجوارح كان ، كما نقل عن الباقر والصادق عليهماالسلام.
ويؤيّد ما قلناه ما روي أنّ جبرئيل نزل إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فوقف بالباب فاستأذن ، فأذن له فلم يدخل ، فخرج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إليه وقال : قد أذنّا لك. فقال عليهالسلام : إنّا معشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه صورة ولا كلب. فنظروا فإذا في بعض بيوتهم كلب ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا أدع كلبا بالمدينة إلّا قتلته ، فهربت الكلاب حتى بلغت العوالي. فلمّا نزلت الآية قالوا : يا رسول الله كيف نصيد بها وقد أمرت بقتلها؟ فسكت رسول الله ، فجاءه الوحي بالإذن في اقتناء الكلاب الّتي ينتفع بها. فاستثنى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كلاب الصيد وكلاب الماشية وكلاب الحرث ، وأذن باتّخاذها.
(تُعَلِّمُونَهُنَ) حال ثانية أو استئناف (مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ) من علم التكليف.
وفيه دلالة على كون التعليم أمرا مستفادا كيفيّته من الشارع ، فقال أصحابنا نقلا عن أئمّتهم أنّ التعليم يحصل بأمور ، ألف : الاسترسال إذا أغري. بـ : الانزجار إذا زجر.
ج : أن لا يعتاد أكل الصيد. د : الاستمرار على ذلك غالبا ، ولا اعتبار بالندرة نفيا وإثباتا.
(فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) وهو ما لم تأكل منه ، لقوله عليهالسلام لعديّ بن حاتم : «إن أكل منه فلا تأكل ، إنّما أمسك على نفسه».
وإليه ذهب أكثر أصحابنا والفقهاء.
(وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ) الضمير لـ «ما علّمتم». والمعنى : سمّوا عليه عند إرساله. أو لما أمسكن ، بمعنى : سمّوا عليه إذا أدركتم ذكاته. (وَاتَّقُوا اللهَ) في محرّماته ، ولا تقربوا ما نهاكم عنه (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) فيؤاخذكم بما جلّ ودقّ.
__________________
(١) في الكشّاف ١ : ٦٠٦ ، قال بعد نقل الحديث : فأكله الأسد. ومعه يتمّ الاستشهاد بالحديث.