(قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) وهو كلّ ما لم يأت تحريمه في الكتاب والسنّة (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ) عطف على الطيّبات إن جعلت «ما» موصولة على تقدير : وصيد ما علّمتم ، وجملة شرطيّة إن جعلت شرطا ، وجوابها «فكلوا».
والجوارح كواسب الصيد على أهلها من سباع الطير والبهائم ، فحذف لدلالة قوله : «ممّا أمسكن» عليه ، ولأنّه جواب عن سؤال السائل عن الصيد.
وقيل : الجوارح الكلاب فقط. وهذا منقول عن ابن عمر والضحّاك والسدّي.
وهو المرويّ عن أئمّتنا عليهمالسلام ، فإنّهم قالوا : هي الكلاب المعلّمة خاصّة ، أحلّه الله تعالى إذا أدركه صاحبه وقد قتلته ، لقوله : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ.)
وروي : «كلّ شيء من السباع تمسك الصيد على نفسها إلّا الكلاب المعلّمة ، فإنّها تمسك على صاحبها».
وقال : «إذا أرسلت الكلب المعلّم ، فاذكر اسم الله عليه ، فهو ذكاته ، وهو أن تقول : بسم الله والله أكبر».
وعند فقهائنا مطلق الذكر كاف. وعند الجمهور من الفقهاء أنّ الجوارح بمعنى الكواسب مطلقا ، أعمّ من أن يكون من سباع الطير والبهائم. والصحيح ما قال الأئمّة المعصومون عليهمالسلام ، فإنّ الحقّ معهم حيث داروا ، لا مع غيرهم.
وروى عليّ بن إبراهيم (١) في تفسيره بإسناده عن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «سألته عن صيد البزاة والصقور والفهود والكلاب؟ فقال : لا تأكل إلّا ما ذكّيت إلّا الكلاب. قلت : فإن قتله؟ قال : كل ، فإنّ الله يقول : (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ).
(مُكَلِّبِينَ) مؤدّبين إيّاه الصيد ومضرّيه (٢) به. مشتقّ من الكلب. وانتصابه على الحال من «علّمتم». وفيه دلالة على أنّه لا يكون التعليم إلّا للكلب. والكلب
__________________
(١) تفسير عليّ بن إبراهيم ١ : ١٦٢.
(٢) ضرّى الكلب بالصيد : عوّده إيّاه وأغراه به.