فهذا متعلّق بما تقدّمه من قسمة المواريث كلّها. وقرأ ابن عامر وابن كثير وابن عيّاش عن عاصم : يوصى ، على البناء للمفعول.
وإنّما قال بـ «أو» الّتي للإباحة دون الواو للدلالة على أنّهما متساويان في الوجوب ، مقدّمان على القسمة مجموعين ومنفردين ، كقولهم : جالس الحسن أو ابن سيرين ، أي : جالس أحدهما مفردا أو مضموما.
وقدّم الوصيّة على الدين ، وهي متأخّرة في الحكم إجماعا ، لأنّها مشبهة بالميراث ، شاقّة على الورثة في كونها مأخوذة من غير عوض ، فكان إخراجها ممّا يشقّ عليهم ، مندوب إليها جميع المؤمنين ، والدين إنّما يكون على الندور.
ثم اعترض بين أرباب المواريث بما يوجب تأكيدا لأمر القسمة وتنفيذا للوصيّة ، فقال : (آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً) أي : لا تعلمون من أنفع لكم ممّن يرثكم من أصولكم وفروعكم ، في عاجلكم وآجلكم ، فتحرّوا فيهم ما أوصاكم الله به ، ولا تعمدوا إلى تفضيل بعض وحرمان بعض.
وقد روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أن أحد المتوالدين إذا كان أرفع درجة من الآخر في الجنّة سأل أن يرفع إليه ، فيرفع بشفاعته.
أو من (١) مورّثيكم ، أي : لا تعلمون من أوصى منهم ، فعرّضكم للثواب الباقي بإمضاء وصيّته ، فهو أقرب لكم نفعا ممّن ترك الوصيّة ، أم من لم يوص ، فوفّر عليكم ماله الفاني.
(فَرِيضَةً مِنَ اللهِ) مصدر مؤكّد ، أي : فرض فرضا ، أو مصدر «يوصيكم الله» ، لأنّه في معنى : يأمركم ويفرض عليكم (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً) بمصالح خلقه ورتبهم (حَكِيماً) فيما فرض من المواريث وغيرها.
__________________
(١) عطف على قوله : «ممن يرثكم من أصولكم» قبل أسطر.