يبيّن في الآية المراد ، وحينئذ ليس أحد الاحتمالات أولى من الآخر ، فيكون اللفظ مجملا يبيّنه السنّة.
وذهب الخوارج إلى أنّ المقطع هو المنكب (١) ، والعامّة إلى الرسغ (٢). وعند أصحابنا الاماميّة أصول الأصابع اليمنى ، وتترك الإبهام والكفّ ، وفي المرّة الثانية يقطع الرجل اليسرى من أصل الساق ، ويترك عقبه يعتمد عليها في الصلاة ، فإن سرق بعد ذلك خلّد في السجن. هذا هو المشهور عند أصحابنا ، والمنقول عن أمير المؤمنين عليهالسلام.
(جَزاءً بِما كَسَبا) مجازاة بكسبهما (نَكالاً) عقوبة على ما فعلاه ، صادرة (مِنَ اللهِ) منصوبان على المفعول له ، أو المصدر ، ودلّ على فعلهما «فاقطعوا» (وَاللهُ عَزِيزٌ) غالب على كلّ ما يريد (حَكِيمٌ) عالم بوجوه الحكم والمصالح.
(فَمَنْ تابَ) من السرّاق (مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ) أي : سرقته (وَأَصْلَحَ) أمره ، بالتفصّي عن التبعات ، والعزم على أن لا يعود إليها (فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) يقبل توبته ، فلا يعذّبه في الآخرة. أمّا القطع فلا يسقط بها عند الأكثرين من العامّة. وقال أصحابنا : بسقوطه بالتوبة قبل الثبوت عند الحاكم. أمّا بعده فإن ثبت بالبيّنة فلا سقوط ، وبالإقرار قيل : يتحتّم الحدّ كما في البيّنة ، وقيل : يتخيّر الامام.
وتحقيق ذلك في كتب الفقه.
(أَلَمْ تَعْلَمْ) الخطاب للنبيّ أو لكلّ أحد (أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) له التصرّف فيها بلا دافع ولا منازع (يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) إذا كان مستحقّا للعذاب (وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) إذا عصاه ولم يتب (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) قدّم التعذيب على المغفرة ، إتيانا على ترتيب ما سبق ، أو لأنّ استحقاق التعذيب مقدّم ، أو لأنّ المراد به القطع ، وهو في الدنيا.
__________________
(١) المنكب : مجتمع رأس الكتف والعضد.
(٢) الرّسغ : المفصل ما بين الساعد والكفّ ، أو الساق والقدم.