المسلم المشرك.
(إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) أي : الّذين ظلموا أنفسهم بموالاة الكفّار ، أو ظلموا المؤمنين بموالاة الكافرين ، فيمنعهم ألطافه ويخذلهم.
قال في الكشّاف (١) : روي أنّ عبادة بن الصامت قال لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّ لي موالي من اليهود كثيرا عددهم ، وإنّي أبرأ إلى الله ورسوله من ولايتهم ، وأوالي الله ورسوله. فقال ابن أبيّ : لكنّي رجل أخاف الدوائر ، لا أبرأ من ولاية مواليّ ، وهم يهود بني قينقاع ، فنزلت : (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) يعني : ابن أبيّ وأضرابه (يُسارِعُونَ فِيهِمْ) أي : في موالاتهم ومعاونتهم ، ويرغبون في مودّتهم ومحبّتهم (يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ) أي : يعتذرون بأنّهم يخافون أن تصيبهم دائرة من دوائر الزمان ، أي : صرف من صروفه ، بأن ينقلب الأمر وتكون الدولة للكفّار ، فيحتاجوا إليهم وإلى معونتهم.
(فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ) يعني : فتح مكّة أو فتح بلاد الشرك لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على أعدائه ، وإظهار المسلمين عليهم (أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ) وهو إعزاز المسلمين بقطع شأفة (٢) اليهود ، وإذلال الكافرين بالرعب والقتل ، أو إجلائهم من ديارهم ، أو الأمر بإظهار أسرار المنافقين وقتلهم (فَيُصْبِحُوا) أي : هؤلاء المنافقون (عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ) على ما استبطنوه من الكفر والشكّ في أمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فضلا عمّا أظهروه ممّا أشعر على نفاقهم.
__________________
(١) الكشّاف ١ : ٦٤٣.
(٢) الشأفة : الأصل ، يقال : استأصل شأفته ، أي : أزاله من أصله.