علم لك بما أحدثوا من بعدك ، إنّهم ارتدّوا على أدبارهم القهقرى».
وقيل : إنّ الآية عامّة في كلّ من استجمع هذه الخصال إلى يوم القيامة. وذكر عليّ بن إبراهيم (١) بن هاشم : أنّها نزلت في مهديّ الأمّة وأصحابه ، وأوّلها خطاب لمن ظلم آل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وقتلهم وغصبهم حقّهم.
ويؤيّد ما قلنا من أنّ صاحب هذه الصفات الحميدة والسمات السنيّة والنعوت الجليلة والخصال العليّة ، كان عليّ بن أبي طالب وأولاده المعصومين عليهمالسلام ، الّذين هم ولاة الدين بنصّ خاتم النبيّين صلوات الله عليه وعليهم ، أنّه سبحانه أورد بعد هذه الآية آية مخصوصة به عليهالسلام عند الموافق والمخالف ، وهي قوله عزّ وعلا : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ) أي : الذي يتولّى تدبيركم ويلي أموركم الله ورسوله (وَالَّذِينَ آمَنُوا).
إنّما قال : وليّكم ، ولم يقل : أولياؤكم ، للتنبيه على أنّ الولاية لله تعالى على الأصالة ولرسوله والمؤمنين على التبع.
(الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) صفة لـ (الَّذِينَ آمَنُوا) ، فإنّه جرى مجرى الاسم في تقدير : والمؤمنون الّذين يقيمون ، أو بدل منه. ويجوز نصبه ورفعه على المدح. (وَهُمْ راكِعُونَ) جملة حاليّة مخصوصة بـ «يؤتون» ، أي : يؤتون الزّكاة حال ركوعهم في الصّلاة حرصا على الإحسان ومسارعة إليه.
وهذه الآية بالاتّفاق نزلت في عليّ عليهالسلام حين سأله سائل وهو راكع في صلاته ، فأومأ بخنصره اليمنى إليه ، فأخذ السائل الخاتم من خنصره.
ومن جملة الروايات الواردة في هذا الباب ، ما رواه صاحب المجمع (٢) عن
__________________
(١) تفسير القمّي ١ : ١٧٠.
(٢) مجمع البيان ٣ : ٢١٠.