حال المنافقين ، فإنّهم يخرجون في جيش المسلمين خائفين ملامة أوليائهم من اليهود ، فلا يعملون شيئا يلحقهم فيه لوم من جهتهم. واللومة المرّة من اللوم. وفيها وفي تنكير «لائم» مبالغتان ، كأنّه قيل : لا يخافون شيئا قطّ من لوم أحد من اللّوام.
(ذلِكَ) إشارة إلى ما تقدّم من الأوصاف ، أي : ذلك المحبّة والذلّة والعزّة والمجاهدة وانتفاء خوف اللومة (فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) يعطيه من يعلم أنّه محلّ له (وَاللهُ واسِعٌ) جواد كثير الفضل واللطف ، لا يخاف نفاد ما عنده (عَلِيمٌ) بمن هو أهله ، فلا يبذله إلّا لمن تقتضي الحكمة إعطاءه.
واعلم أنّ وصف اللين على أهل الإيمان ، والشدّة على الكفّار ، والجهاد في سبيل الله ، وعدم الخوف من لائم ، لا يمكن أحدا أن يدفع عليّا عليهالسلام عن استحقاق ذلك ، لما ظهر من شدّته على أهل الشرك والكفر ، ونكايته فيهم ، ومقاماته المشهورة في تشييد الملّة ونصرة الدين ، والرأفة على المؤمنين.
ويؤيّد ذلك أيضا إنذار رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قريشا بقتال عليّ عليهالسلام لهم من بعده ، حيث
جاء سهيل بن عمرو في جماعة منهم فقالوا : يا محمّد إنّ أرقّاءنا لحقوا بك فارددهم علينا. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لتنتهينّ يا معشر قريش أو ليبعثنّ الله عليكم رجلا يضربكم على تأويل القرآن ، كما ضربتكم على تنزيله. فقال له بعض أصحابه : من هو يا رسول الله ، أبو بكر؟ قال : لا. قال : فعمر؟ قال : لا ، ولكنّه خاصف النعل في الحجرة. وكان عليّ عليهالسلام يخصف نعل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وروى عن عليّ عليهالسلام أنّه قال يوم البصرة : «والله ما قوتل أهل هذه الآية حتّى اليوم ، وتلا هذه الآية».
وروى أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره بالإسناد عن الزهري ، عن سعيد بن المسيّب ، عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «يرد عليّ يوم القيامة رهط من أصحابي ، فيجلون عن الحوض ، فأقول : يا ربّ أصحابي أصحابي. فيقال : إنّك لا