والّذي يدلّ على أنّ المعنيّ بـ (الَّذِينَ آمَنُوا) هو عليّ عليهالسلام ، الرواية الواردة من طريق العامّة والخاصّة بنزول الآية فيه لمّا تصدّق بخاتمه في حال الركوع. وقد تقدّم ذكرها. وأيضا كلّ من قال : إنّ المراد بلفظة «وليّ» ما يرجع إلى فرض الطاعة والإمامة ، ذهب إلى أنّه عليهالسلام هو المقصود بالآية.
وقال جار الله في الكشّاف (١) : «إنّما جيء بلفظ الجمع ، وإن كان السبب فيه رجلا واحدا ، ليرغب الناس في مثل فعله ، ولينبّه على أنّ سجيّة المؤمنين يجب أن تكون على هذه الغاية من الحرص على البرّ والإحسان».
وقال صاحب الجامع (٢) : «وأنا أقول قد اشتهر في اللغة إيراد العبارة عن الواحد بلفظة الجمع على سبيل التعظيم ، فلا يحتاج إلى ما قال جار الله».
ووجه آخر على أنّ الولاية في الآية مختصّة أنّه سبحانه قال : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ) فخاطب جميع المؤمنين ، ودخل في الخطاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وغيره. ثمّ قال :«ورسوله» فأخرج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من جملتهم ، لكونهم مضافين إلى ولايته. ثمّ قال : (وَالَّذِينَ آمَنُوا) فوجب أن يكون الّذي خوطب بالآية غير الّذي جعلت له الولاية ، وإلّا أدّى المعنى إلى أن يكون المضاف هو المضاف إليه بعينه ، وإلى أن يكون كلّ واحد من المؤمنين وليّ نفسه ، وذلك محال. ولمّا تحقّق أنّ المعنيّ بالآية هو أمير المؤمنين ، تحقّقت إمامته بالنصّ الصريح ، وهو المطلوب.
وقال صاحب كنز العرفان (٣) : ويستدلّ بهذه الآية على أمور :
الأوّل : أنّ الفعل القليل لا يبطل الصلاة ، لأنّ قوله : (وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) إشارة إلى فعل عليّ عليهالسلام لمّا تصدّق على السائل بخاتمه في حال ركوعه ،
__________________
(١) الكشّاف ١ : ٦٤٩.
(٢) جوامع الجامع ١ : ٣٨٦ ـ ٣٨٧.
(٣) كنز العرفان ١ : ١٥٨ ـ ١٥٩.