قال : على أيّ حال أعطاكه؟
قال : أعطاني وهو راكع.
فكبّر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقال : «وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ ... الآية».
والآية من أوضح الدلائل على صحّة إمامة عليّ عليهالسلام بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بلا فصل. وتنقيح المبحث : أنّ الوليّ هو الّذي يلي تدبير الأمر ، فيقال : فلان وليّ المرأة إذا كان يملك تدبير نكاحها ، ووليّ الدم من كان إليه المطالبة بالقود ، والسلطان ، وليّ أمر الرعيّة. ويقال لمن كان خليفة النبيّ : وليّ عهد المسلمين. قال الكميت (١) يمدح عليّا عليهالسلام :
ونعم ولي الأمر بعد نبيّه |
|
ومنتجع التقوى ونعم المؤدّب |
وقال المبرّد في كتاب العبارة عن صفات الله تعالى : أصل الوليّ الذي هو أولى ، أي : أحقّ ، ومثله المولى. وأنّ لفظة «إنّما» تقتضي التخصيص ونفي الحكم عمّن عدا المذكور ، كما يقولون : إنّما الفصاحة للجاهليّة ، يعنون نفي الفصاحة عن غيرهم. وأنّ الروايات المأثورة عنّا وعنهم دالّة على أنّ المراد بـ (الَّذِينَ آمَنُوا) في الآية عليّ عليهالسلام.
وإذا تقرّر هذا ، لم يجز حمل لفظة «وليّ» على الموالاة في الدين والمحبّة ، لأنّه لا تخصيص في هذا المعنى لمؤمن دون آخر ، لأنّ المؤمنين كلّهم مشتركون في هذا المعنى ، كما قال سبحانه : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) (٢).
وإذا لم يجز حمله على ذلك لم يبق إلّا الوجه الآخر ، وهو صاحب التدبير والأولى بالتصرّف في الأمور ، لأنّه لا محتمل للفظه إلّا الوجهان ، فإذا بطل أحدهما ثبت الآخر.
__________________
(١) الروضة المختارة شرح قصائد الكميت : ٤١.
(٢) التوبة : ٧١.