وَالنَّصارى) سبق تفسيره في سورة البقرة (١). وقال سيبويه والخليل وجميع البصريّين : إنّ قوله : «والصابئون» محمول على التأخير ، ومرفوع بالابتداء ، وخبره محذوف ، والنيّة به التأخير عمّا في حيّز «إن» ، من اسم «إنّ» وخبرها. والتقدير : إنّ الّذين آمنوا والّذين هادوا والنصارى حكمهم كذا ، والصابئون كذلك ، كقوله : فإنّي وقيّار بها لغريب (٢) ، أي : وإنّي لغريب وقيّار بها لغريب.
وهو كاعتراض دلّ به على أنّه لمّا كان الصابئون الّذين صبأوا ـ أي : خرجوا عن الأديان كلّها ـ مع ظهور ضلالهم ، وميلهم عن جميع الأديان ، يتاب عليهم إن صحّ منهم الإيمان والعمل الصالح ، كان غيرهم أولى بذلك.
و «النصارى» يجوز عطفه أن يكون معطوفا على «الصابئون» ، و «من آمن» خبر هما ، وخبر «إنّ» مقدّر دلّ عليه ما بعده ، كقوله :
نحن بما عندنا وأنت بما |
|
عندك راض والرأي مختلف |
ولا يجوز عطفه على محلّ «إنّ» واسمها ، فإنّه مشروط بالفراغ من الخبر ، ولهذا لا يقال : إنّ زيدا وعمرو منطلقان ، إذ لو عطفت عليه قبله كان الخبر خبر المبتدأ وخبر إنّ معا ، فيجتمع عليه عاملان. ولا على الضمير في «هادوا» ، لعدم التأكيد ، والفصل ، ولأنّه يوجب كون الصابئين هودا. وقيل : «إنّ» بمعنى «نعم» ، وما بعدها في موضع الرفع بالابتداء.
(مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) إيمانا ظاهرا وباطنا (وَعَمِلَ صالِحاً) المعطوف والمعطوف عليه في محلّ الرفع بالابتداء ، وخبره (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ). والجملة خبر «إنّ» ، والفاء لتضمّن المبتدأ معنى الشرط. أو خبر المبتدأ كما مرّ ، والراجع محذوف ، أي : من آمن منهم. أو في محلّ النصب على أنّه بدل من
__________________
(١) راجع ج ١ ص ١٦٠.
(٢) لضابئ بن الحرث البرجمي ، وصدره : فمن يك أمسى بالمدينة رحله.