بعينه ، إلّا أنّه قال في آخرة : «وإنّ الساعة لكثيرة ، من تاب قبل أن يغرغر بها تاب الله عليه».
وروى أيضا بإسناده عن الحسن قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لمّا هبط إبليس قال : وعزّتك وعظمتك لا أفارق ابن آدم حتى تفارق روحه جسده. فقال سبحانه : وعزّتي وعظمتي لا أحجب التوبة عن عبدي حتّى يغر غر بها».
وسمّى قبل حضور الموت قريبا لأنّ أمد الحياة قريب ، لقوله تعالى : (قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ) (١).
و «من» للتبعيض ، أي : يتوبون في أيّ جزء من الزمان القريب الّذي هو ما قبل أن ينزل بهم سلطان الموت.
(فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ) أي : يقبل توبتهم. وعد بالوفاء بما وعد به وكتب على نفسه ، لقوله : «إنّما التوبة على الله» ، وإعلام بأنّ الغفران كائن لا محالة ، كما يعد العبد الوفاء بالواجب (وَكانَ اللهُ عَلِيماً) فهو يعلم بإخلاصهم في التوبة (حَكِيماً) والحكيم لا يعاقب التائب.
(وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ) أي : المعاصي ، ويصرّون عليها (حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ) أي : أسباب الموت من معاينة ملك الموت ، وانقطاع الرجاء عن الحياة ، وهو حال لليأس الّتي لا يعلمها إلّا المحتضر (قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ) أي : ليس عند ذلك توبة.
(وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ) أي : ليست التوبة أيضا للّذين يموتون على الكفر ثم يندمون بعد الموت.
سوّى سبحانه بين مسوّف التوبة إلى وقت حضور الموت ، وبين من يموت كافرا ، في نفي التوبة ، للمبالغة في عدم الاعتداد بها في تلك الحالة ، وكأنّه قال :
__________________
(١) النساء : ٧٧.