روي أنّ من عادات الجاهليّة أنّ الرجل إذا مات وله عصبة ألقى ثوبه على امرأته وقال : أنا أحقّ بها ، ثم إن شاء تزوّجها بصداقها الأوّل ، وإن شاء زوّجها غيره وأخذ صداقها ، وإن شاء عضلها عن التزويج لتفتدي بما ورثت من زوجها. ومن جملتهم أبو قيس بن الأسلت لمّا مات عن زوجته كبيشة بنت معن ألقى ابنه من غيرها ـ وهو محصن بن أبي قيس ـ ثوبه عليها ، فورث نكاحها ثم تركها فلم يقربها ولم ينفق عليها ، فجاءت إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالت : يا نبيّ الله لا أنا ورثت زوجي ، ولا أنا تركت فأنكح! فنهى الله سبحانه عن ذلك.
وقرأ حمزة والكسائي : كرها بالضمّ في مواضعه. وهما لغتان. وقيل : بالضمّ المشقّة ، وبالفتح ما يكره عليه.
(وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَ) عطف على «أن ترثوا» ، و «لا» لتأكيد النفي ، أي : ولا تمنعوهنّ من التزويج. وأصل العضل الحبس والتضييق ، يقال : عضلت المرأة بولدها ، إذا اختنقت رحمها به فخرج بعضه وبقي بعضه. وكذا : عضلت الدجاجة بيضها.
وعن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال : «الخطاب مع الأزواج ، كانوا يحبسون النساء من غير حاجة ورغبة ، وينتظرون موتها حتى يرثوا منهنّ».
وعن ابن عبّاس : نزلت في الرجل يكون تحته امرأة يكره صحبتها ، ولها عليه مهر ، فيطول عليها ويضارّها لتفتدي بالمهر أو تموت فيرث منها مهرها.
وقيل : تمّ الكلام بقوله : «كرها» ، ثم خاطب الأزواج ونهاهم عن العضل.
(إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) كالنشوز ، وسوء العشرة ، وعدم التعفّف.
والاستثناء من أعمّ عامّ الظرف ، أي : لا تعضلوهنّ للافتداء في وقت من الأوقات إلّا أن يأتين بفاحشة ، فيصيرون معذورين في طلب الخلع ، أو من المفعول له ، أي : لا تعضلوهنّ لعلّة إلّا أن يأتين بفاحشة.