يطلق لآخر المدّة يطلق لجملتها. وقيل : الأوّل النوم ، والثاني الموت. وقيل : الأوّل لمن مضى ، والثاني لمن بقي ولمن يأتي.
و «أجل» نكرة خصّصت بالصفة ، ولذلك استغنى عن تقديم الخبر.
والاستئناف به لتعظيمه ، ولذلك نكّر ووصف بأنّه مسمّى ، أي : مثبت معيّن لا يقبل التغيّر. وأخبر عنه بأنّه عند الله تعالى لا مدخل لغيره فيه بعلم ولا قدرة ، ولأنّه المقصود بيانه.
(ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ) استبعاد لامترائهم بعد ما ثبت أنّه خالقهم وخالق أصولهم ، ومحييهم إلى آجالهم وباعثهم ، فإنّ من قدر على خلق الموادّ وجمعها وإيداع الحياة فيها وإبقائها ما يشاء ، كان أقدر على جمع تلك الموادّ وإحيائها ثانيا.
فالآية الأولى دليل التوحيد ، والثانية دليل البعث. والامتراء الشكّ. وأصله : المري ، وهو استخراج (١) اللبن من الضرع.
(وَهُوَ اللهُ) الضمير لله ، و «الله» خبره (فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ) متعلّق باسم الله. والمعنى : هو المستحقّ للعبادة فيهما لا غير ، كقوله : (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) (٢). أو هو المعروف بالإلهيّة ، أو هو المتوحّد بالإلهيّة فيهما. فقوله : (يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ) تقرير له ، لأنّ من استوى في علمه السرّ والعلانية هو الله وحده.
ويجوز أن يكون «هو» ضمير الشأن ، و «الله يعلم سركم وجهركم» مبتدأ وخبر ، و «في السماوات» يتعلّق بـ «يعلم». وأن يكون «في السماوات» خبرا بعد خبر ، أو بدلا من «الله» على معنى : أنّه الله ، وأنّه في السماوات والأرض. ويكفي
__________________
(١) ولعلّ وجه النقل من المعنى اللغوي إلى هذا المعنى : أن الشكّ منشأ استخراج العلم ، كما يستخرج اللبن من الضرع ويمترى.
(٢) الزخرف : ٨٤.