مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) وعد منهم بالإيمان ، كأنّهم قالوا : ونحن لا نكذّب ونؤمن ، استئنافا منهم على وجه الإثبات. وشبّهه سيبويه بقولهم : دعني ولا أعود ، أي وأنا لا أعود ، تركتني أو لم تتركني.
ويجوز أن يكون معطوفا على «نردّ» ، أو حال من الضمير فيه ، فيكون في حكم التمنّي. وحينئذ قوله : (وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) راجع إلى ما تضمّنه التمنّي من الوعد ، فيجوز أن يتعلّق به التكذيب. فلا يرد أن التمنّي لا يكون كاذبا فكيف يتعلّق به التكذيب؟ وهذا كما يقول الرجل : ليت الله يرزقني مالا فأحسن إليك وأكافئك على صنيعك. فهذا متمنّى في معنى الوعد. فلو رزق مالا ولم يحسن إلى صاحبه ولم يكافئه كذب ، كأنّه قال : إن رزقني الله مالا كافأتك على الإحسان.
ونصبهما حمزة ويعقوب وحفص على الجواب ، بإضمار «أن» بعد الواو ، إجراء لها مجرى الفاء. ومعناه : إن رددنا لم نكذّب ونكن من المؤمنين. وقرأ ابن عامر برفع الأوّل على العطف ، ونصب الثاني على الجواب.
(بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ) إضراب عن إرادة الإيمان المفهومة من التمنّي. والمعنى : أنّه ، ظهر لهم ما كانوا يخفون من الناس من قبائح أعمالهم في صحفهم ، وبشهادة جوارحهم عليهم ، فلذلك تمنّوا ذلك ضجرا ، لا أنّهم عازمون على أنّهم لو ردّوا لآمنوا.
قيل : هو في المنافقين ، أي : يظهر نفاقهم الّذي كانوا يسرّونه.
وقيل : هو في أهل الكتاب ، أي : يظهر لهم ما كانوا يخفونه من صحّة نبوّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(وَلَوْ رُدُّوا) أي : إلى الدنيا بعد الوقوف على النار وظهور ما كانوا يخفون (لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) من الكفر والمعاصي (وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) فيما وعدوا به من أنفسهم ، لا يؤمنون به.