وصفهم بالمواظبة على العبادة. (فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) أمر بتبليغ سلام الله إليهم ، وتبشيرهم بسعة رحمة الله وفضله ، بعد النهي عن طردهم ، إيذانا بأنّهم الجامعون لفضيلتي العلم والعمل ، ومن كان كذلك ينبغي أن يقرّب ولا يطرد ، ويعزّ ولا يذلّ ، ويبشّر من الله تعالى بالسلامة في الدنيا والرحمة في الآخرة. أو أمر بأن يبدأهم بالسلام تبجيلا لهم وتطييبا لقلوبهم.
وكذلك قوله : (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) من جملة ما يقول لهم ليسرّهم ويبشّرهم بسعة رحمة الله عليهم. والمعنى : أوجب ربّكم الرحمة إيجابا مؤكّدا على نفسه.
عن عكرمة أنّ هذه الآية نزلت في الّذين نهى الله عن طردهم ، وكان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا رآهم بدأهم بالسلام وقال : «الحمد لله الّذي جعل في أمّتي من أمرني أن أبدأهم بالسلام».
وقيل : إنّ قوما جاءوا إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالوا : إنّا أصبنا ذنوبا عظاما ، فلم يردّ عليهم شيئا وسكت عنهم ، فانصرفوا ، فنزلت هذه الآية.
وقوله : (أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً) استئناف لتفسير الرحمة. وقرأ نافع وابن عامر وعاصم ويعقوب بالفتح على البدل منها.
وقوله : (بِجَهالَةٍ) في موضع الحال ، أي : من عمل ذنبا جاهلا بحقيقة ما يتبعه من المضارّ والمفاسد. أو متلبّسا بفعل الجهالة ، فإنّ ارتكاب ما يؤدّي إلى الضرر من أفعال أهل السفه والجهل ، فإنّ من كان حكيما لم يقدم على فعل شيء حتّى يعلم حاله.
(ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ) بعد العمل أو السوء (وَأَصْلَحَ) بالتدارك والعزم على أن لا يعود إليه (فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ). فتح همزة «أنّه» من فتح الأوّل غير نافع ، على إضمار مبتدأ ، أي : فأمره أنّه غفور رحيم.