الإعذار والإنذار ، فقال إيعادا وتهديدا : (قُلْ هُوَ الْقادِرُ) ذكر حرف التعريف يشعر بكمال قدرته ، لأنّه أمارة تخصيص القدرة به ، كأنّه يقول : أيّها المخاطب الساكت تعرف قادرا فذلك هو هو لا غير (عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ) كما أرسل على قوم نوح الطوفان ، وأمطر على قوم لوط وأصحاب الفيل الحجارة (أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) كما أغرق فرعون ، وخسف بقارون.
وقيل : «من فوقكم» : من قبل أكابركم الظلمة وحكّامكم الجائرة ، و «تحت أرجلكم» : من قبل سفلتكم وعبيدكم. وهذا منقول عن ابن عبّاس. وهو المرويّ عن أبي عبد الله عليهالسلام.
وقيل : هو حبس المطر والنبات.
(أَوْ يَلْبِسَكُمْ) يخلطكم (شِيَعاً) فرقا مختلفي الأهواء ، كلّ فرقة منهم شائعة لإمام. ومعنى خلطهم : أن يختلطوا ويشتبكوا في ملاحم القتال ، من قوله :
وكتيبة لبّستها بكتيبة |
|
حتّى إذا التبست نفضت لها يدي |
وعن أبي عبد الله عليهالسلام : «معناه : يضرب بعضكم ببعض ممّا يلقيه بينكم من العداوة والعصبيّة».
(وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) يقاتل بعضكم بعضا (انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ) بالوعد والوعيد (لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ) يعلمون الحقّ بها.
عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «سألت الله أن لا يبعث على أمّتي عذابا من فوقهم أو من تحت أرجلهم فأعطاني ذلك ، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعني».
وكذا عن الحسن قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : سألت الله ربّي أن لا يظهر على أمّتي أهل دين فأعطاني ، وسألته أن لا يهلكهم جوعا فأعطاني ، وسألته أن لا يجمعهم على ضلالة فأعطاني ، وسألته أن لا يلبسهم شيعا فمنعني».
وفي تفسير الكلبي : «أنّه لمّا نزلت هذه الآية قام النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فتوضّأ وأسبغ وضوءه ، ثمّ قام وصلّى فأحسن صلاته ، ثمّ سأل الله سبحانه أن لا يبعث على أمّته