الجاهليّة».
ولو كان في آبائه عليهالسلام كافر لم يصف جميعهم بالطهارة ، لقوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) (١). وفي ذلك أدلّة وبراهين ليس هاهنا موضع ذكرها.
وقيل : إنّ آزر اسم صنم يعبده ، فلقّب به للزومه عبادته. وعند بعض أنّ آزر وصف معناه : الشيخ أو المعوجّ. ولعلّ منع صرفه لأنّه أعجميّ حمل على موازنه (٢) ، أو نعت مشتقّ من الأزر أو الوزر. والأقرب أنّه علم أعجميّ على فاعل ، كعابر وشالخ : وقرأ يعقوب : آزر بالضمّ على النداء. وهو يدلّ على أنّه علم.
وقوله : (أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً) الهمزة للإنكار ، أي : لا تفعل ذلك (إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ) عن الحقّ (مُبِينٍ) ظاهر الضلالة.
وفي الآية حثّ للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على محاجّة قومه الّذين دعوه إلى عبادة الأصنام ، والاقتداء بأبيه إبراهيم عليهالسلام فيه ، وتسلية له بذلك.
(وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ) ومثل هذا التبصير نبصّره. وهو حكاية حال ماضية (مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ربوبيّتها وملكها ، ونوفّقه لمعرفتها ، ونهديه لطريق النظر والاستدلال. وقيل : عجائبها اللطيفة وبدائعها المحكمة. والملكوت أعظم الملك. والتاء فيه للمبالغة.
(وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) أي : ليستدلّ وليكون من المتيقّنين. أو وفعلنا ذلك ليكون من المتيقّنين بأنّ الله سبحانه هو خالق للملك والمالك له.
عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال : «كشط الله لإبراهيم عن الأرضين حتّى رآهنّ وما تحتهنّ ، وعن السماوات حتى رآهنّ وما فيهنّ من الملائكة وحملة العرش».
وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «لمّا رأى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض ، رأى رجلا يزني فدعا عليه فمات ، ثمّ رأى آخر فدعا عليه
__________________
(١) التوبة : ٢٨.
(٢) أي : حمل على ما هو على وزنه ، كشالح ، الذي هو غير منصرف للعجمة والعلميّة.