(وَاجْتَبَيْناهُمْ) واصطفيناهم عطف على «فضّلنا» أو «هدينا». واجتبى مأخوذ من : جبيت الماء في الحوض ، إذا جمعته. (وَهَدَيْناهُمْ) أي : أرشدناهم فاهتدوا (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) أي : طريق بيّن لا اعوجاج فيه ، وهو الدين الحقّ.
هذا تكرير لبيان ما هدوا إليه.
(ذلِكَ) إشارة إلى ما تقدّم ذكره من التفضيل والاجتباء ، والهداية والاصطفاء (هُدَى اللهِ) هو الإرشاد إلى الثواب للّذين استرشدوا طريق الحقّ (يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) ممّن سمّاهم ومن لم يسمّهم في هذه الآيات.
(وَلَوْ أَشْرَكُوا) أي : ولو أشرك هؤلاء الأنبياء مع فضلهم وعلوّ شأنهم وتقدّمهم (لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) فكانوا كغيرهم في حبوط أعمالهم بسقوط ثوابها ، ونحوه قوله : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) (١).
(أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) يريد به الجنس (وَالْحُكْمَ) بين الناس ، أو الحكمة العمليّة الّتي هي الأحكام الشرعيّة (وَالنُّبُوَّةَ) والرسالة (فَإِنْ يَكْفُرْ بِها) أي : بهذه الثلاثة (هؤُلاءِ) يعني : قريشا (فَقَدْ وَكَّلْنا بِها) أي : بمراعاتها (قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ). وهم الأنبياء المذكورون ، ومتابعوهم الّذين آمنوا بما أتى به نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل وقت مبعثه. وقيل : هم الأنصار ، أو أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم. وقيل : كلّ من آمن به ، أو الفرس. وقيل : الملائكة.
ومعنى توكيلهم بها : أنّهم وفّقوا للإيمان بها والقيام بحقوقها ، كما يوكّل الرجل بالشيء ليقوم به ويتعهّده ويحافظ عليه. والباء في «بها» صلة «يكفرون» ، وفي «بكافرين» لتأكيد النفي.
(أُولئِكَ) يريد الأنبياء المتقدّم ذكرهم (الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) فاختصّ طريقهم بالاقتداء ، ولا تقتد إلّا بهم. وهذا معنى تقديم المفعول. والمراد
__________________
(١) الزمر : ٦٥.